آراء في تغذية النحل
أفضل غذاء للنحل هو ما يسعى له في الطبيعة.
|
الدكتور طارق مردود
رأيت أن النحالة يهتمون كثيراً بالتغذية الصناعية لنحلهم في كل الأوقات تقريباً وكأن النحل لن يعيش أو يستمر في العطاء إلا إذا قدم له الغذاء. يستثنى قلة منهم ممن لا يريدون أن يجنوا عسلاً إلا من الناتج من تغذية النحل من رحيق الأزهار.
والغريب أنهم يتفنون في ما يضيفون للتغذية من مواد أخرى أكثرها، إن لم يكن كلها، ما أنزل الله بها من سلطان. ولم يقتصر ذلك على النكهات أو عصائر الفاكهة، بل تعدى ذلك إلى التوابل!.
ولذلك أحببت أن أتكلم بموضوع تغذية النحل الإضافية لبيان المفيد في ذلك عسى أن يكون نافعاً للنحالين.
أولاً أفضل غذاء للنحل هو ما يسعى له في الطبيعة ويصنعه ويدخره في خليته: العسل والطلع. عندما يقدم العسل للنحل يذاب بالماء بكميات متساوية (1:1). ويجب أن يكون العسل من إنتاج منحلك أو من إنتاج منحل صديق تثق به وتعرف نحله جيدا. يمكن نقل الأمراض عن هذا الطريق، وأخطرها مرض تعفن الحضنة الأمريكي.
إذا لم يتوفر العسل بالشروط السابقة يمكن استخدام السكر المحول بإنزيم الإنفرتاز. وإن لم يتوفر يستعمل سكر المائدة. لاتترك نحلك يجوع. يحتاج النحل للسكر لتوفير الطاقة للعمليات الحيوية وللدفء.
لا تضف للعسل أي مادة سوى تمديده بالماء. لتوفير البروتين يضاف بالشروط التي سأتحدث عنها. عموما يحتوي العسل الطبيعي عادة على حبوب طلع بنسبة 5 بالمئة، أي 50 غ في كل كغ منه.
يقدم الطلع للنحل لتأمين البروتين في تغذية النحل. كل الكائنات الحية تستخدم البروتين لبناء أجسامها وأجسام الذرية. يقوم الكائن الحي عند هضم البروتين بتفكيكه للأحماض الأمينية المكونة له ثم بعد امتصاصها يعود فيركب منها البروتين الخاص به.
ومن المعروف أن البروتين في الطلع (حبوب اللقاح) نباتي، لذلك لا وجه لاستعمال بروتين حيواني في تغذية النحل. يفضل أن يجمع النحال الطلع بواسطة مصيدة حبوب اللقاح في أوقات توفرها ويختزنها ليغذي النحل بها.
استعمال حبوب اللقاح في تغذية النحل لا يخلو من مشاكل. أكبر مشكلة هي كون حبوب الطلع ملوثة بالمبيدات. لذلك في هذه الحالة يفضل استعمال مادة نباتية ذات محتوى عالي من البروتين مثل كسبة فول الصويا أوحبوب بقولية أخرى.
أنواع التغذية ثلاثة: تنشيطية وتعويضية وتخزينية. التغذية التنشيطية تكون في بداية الربيع وتهدف إلى دفع الملكة لبدء البيض بغزارة لتأمين جيش من الشغالات يكون جاهزاً للجني عند إزهار النباتات في الربيع.
تكون التغذية التنشيطية بكميات قليلة (200-400 غ للخلية) وبأوقات متباعدة قليلا (مرتين إلى ثلاثة بالأسبوع). ويجب إضافة حبوب الطلع إن لم يكن في الخلية ما يكفي أو أن النحل لايجني منه شيئاً.
التغذية التعويضية تعطى عند نقص الغذاء لدى النحل بسبب قطف النحال الجائر للعسل أو تعرض الخلية للسرقة. أما التغذية التخزينية فتتم في آخر الموسم وبعد قطاف العسل لتكوين مخزون في الخلية للشتاء.
في كل الأحوال تجري التغذية لكل الخلايا في نفس الوقت ويبدأ تغذية الخلايا القوية أولا، ويبدأ تقديم الغذاء مساءً قبل غروب الشمس بقليل. وفي حالة تعرض خلية للسرقة ولم يرد - أو لم يكن بالإمكان - تغذية كل الخلايا فيؤخذ لها إطار غذاء أو اثنان من خلية قوية أو تنقل بعيداً.
يضاف للمحلول السكري التنشيطي والتعويضي نوع واحد من الأعشاب المعروف _ والتي ثبت أنها مفيدة للنحل وبكمية مناسبة، تنقع أولا في ماء دافئ لمدة نصف ساعة ثم تصفى وتضاف للمحلول السكري مع حساب كميتها مع ماء المحلول. من هذه الأعشاب القرفة والبابونج والشيح وحب الكزبرة.
في آخر الموسم وبعد قطاف العسل ولتكوين مخزون في الخلية للشتاء، تجري تغذية الخلايا بغزارة قبل حلول البرد بوقت كافي وبتركيز عالي (1:2) للمحلول السكري ليتسنى الوقت للنحل لتكثيفه وتخزينه. الكمية المضافة لكل خلية بحسب نشاطها في سحب المحلول بحيث لا يبقى منه شيء بعد يومين.
هذا الغذاء المخزن يضاف له 50 غ حبوب لقاح مع تقديم عجينة طلع بمعدل نصف كغ لكل خلية تجدد في آخر الشتاء عندما يصبح بالإمكان ذلك. يجب أن لا يضاف له فيتامينات أو خلاصة أعشاب لأنه سيبقى مدة طويلة وستنتهي صلاحيتها وتفسد. يجب إضافة 3غ ملح الليمون لهذا الغذاء المركز لمنع تسكره.
أما العجينة التي تقدم للنحل فهي أيضاً على ئلاثة أنواع: سكرية وطلعية أو مختلطة. وفي الأنواع الثلاثة يفضل إشراك العسل في صنعها لتصبح مرغوبة للنحل ولتزويدها بالفيتامينات. كما أنها تحتوي على بروتين وسكر مطحون وطلع مطحون أو منقوع بحيث يصبح قوامها متماسكاً ولا تسيل لحرارة الخلية.
شروط المواد المستخدمة في صنع العجينة نفسها المذكورة أعلاه من حيث خلوها من مسببات الأمراض أو بقايا المبيدات. ويحتاج صنعها إلى خبرة عملية ولذلك يفضل كثير من النحالين شراءها جاهزة ولكن يجب الانتباه إلى أنها تحقق الشروط المطلوبة.
العجنة السكرية تتألف من السكر المسحوق وبديل بروتيني بتناسب 10 بديل إلى 50 سكر أو حسب ما تنصح به الجهة المنتجة للبديل البروتيني. أما العجينة الطلعية فتتألف من سكر مطحون وكمية من حبوب الطلع حسب الرغبة وتوفرها وسعرها. فكلما زادت كمية حبوب الطلع كان أفضل لأنها هي المقصودة.
وهناك ما يسمى بـ"كاندي الملكات" الذي يقدم للملكات المحجوزة في أقفاص ويحضر من العسل المضاف له سكر مطحون حتى يصبح عجينة متماسكة لا تسيل. وبما أن هذه العجينة مصنوعة من العسل فلن تحتاج لأية إضافات.
توفر حبوب الطلع تزيد من إنتاج النحل للغذاء الملكي فتزداد مساحة الحضنة وبالتالي الشغالات. يمكن تقديم حبوب الطلع المطحونة لوحدها خارج الخلية مع وضع قطعة من شبك معدني في الوعاء المحتوي عليها ليسهل على النحل ملء سلال الطلع في أرجلها.
وأضيف في النهاية مبادئ أساسية في تغذية النحل:
- غذاء النحل هو مصدر كربوهيدراتي (العسل) كمصدر للطاقة يحتوي أيضا على فيتامينات وأملاح، والنحل يأخذ كل مادة تحتوي على السكر مثل العصائر والمشروبات, قد يقدمها النحال له لكن يجب الانتباه إلى ما تحتويه من مواد أخرى.
- ومصدر بروتيني (حبوب الطلع) لبناء أجسامها يحتوي أيضاً على فيتامينات وأملاح. يأخذ النحل مواد أخرى عندما لا يتوفر له الطلع فيتناول مسحوق الذرة أو طحين الحبوب، وقد رأيته يقبل على النخالة ومسحوق بعض التوابل.
- يحتاج النحل للماء ككل الكائنات ويجب توفير الماء النقي له دائماً. عند نقل النحل إلى مكان جديد يجب تأمين الماء قبل نقله لأنه إذا وجد الماء في مكان فمن اصعب تغييره. وفي تجربة روسية وجد أن النحل يأخذ الماء من منهل قليل الملوحة بنفس الوقت من منهل عذب.
الدكتور طارق مردود
تاريخ النشر 1 - 9 - 2018
|
مسموح النقل من الموقع شريطة ذكر الموقع والمؤلف * www.na7la.com * منذ عام 2007
|
|