الدبور الأحمر الشرقي
أماكن انتشاره، أضراره، دورة حياته، طرائق مكافحته
الـمـهـنــدس عـبـد الـرحـيــم قـصــاب
يعاني الكثير من النحالين والمزارعين من هذه الآفة، لذا أحببت أن أقدم هذه المقالة مدعمة بالصور بغية التعريف بهذه الآفة، أضرارها، معيشتها، نشاطها وأهم طرائق مكافحتها.
الإسم العلمي:
Vespa orientalis يتبع فصيلة Vespidae ورتية غشائية الأجنحة Hymenoptera.
الأسماء الشائعة:
دبور البلح، الدبور الأحمر الشرقي، الدبور الأحمر.
الانتشار العالمي:
ينتشر في المناطق الجنوبية والشرقية من حوض البحر الأبيض المتوسط، المناطق الجنوبية الشرقية من قارة آسيا، شمال شرق إفريقيا.
كما نلاحظ فإن هذا الدبور ينتشر في سورية أيضاًَ، ويعد من الآفات المهمة على العنب والنحل على حد سواء.
التوزع الجغرافي للدبور الأحمر الشرقي (الأماكن الغامقة تمثل أماكن تواجده)
الوصف العام للحشرة:
الحشرة الكاملة ذات لون بني محمر، الأجنحة شفافة مشوبة باللون الأصفر، العيون المركبة سوداء اللون والجبهة صفراء، قرون الاستشعار بنية اللون. أجزاء الفم قارضة.
يبلغ طول الذكر 1.8-2.3 سم، العاملات يبلغ طولها 2.2-2.6 سم، أما الملكات فيبلغ طولها 2.6-3.1 سم.
تجدر الإشارة إلى أن الذكور تشبه العاملات إلا أن مؤخرتها أعرض ولا تملك أداة لسع.
أضرار هذه الآفة:
على النحل:
تعد هذه الآفة من الآفات الخطيرة التي تهاجم نحل العسل حيث تقوم بسرقة العسل وافتراس العاملات حيث يقوم الدبور بالانقضاض على العاملات وحملها بعد لسعها لشل حركتها ومن ثم التهامها أو حملها إلى العش لتغذية اليرقات. ولكن المشكلة الأكبر التي تواجه قطاع النحل هي اصطياده للملكات أثناء طيران التلقيح مما يؤدي إلى فقدان عدد كبير من طوائف النحل في وقت مبكر من السنة وهنا تكون الخسارة الأكبر.
إضافة إلى ذلك فإنه كثيراً ما تهاجم الدبابير خلايا النحل للحصول على العسل أو الحشرات النحل، وعادة ما تكون أعداد الدبابير كبيرة مما يسبب إرباكاً لطائفة النحل وقد يؤدي في النهاية لهجرة الطائفة أو موتها.
الدبور ينتظر النحلة في المرعى
الدبور يمسك بالنحلة ويتغذى عليها
على المحاصيل:
تهاجم هذه الحشرة الثمار الغنية بالسكريات (العنب، البلح،الأجاص...) وتكون الأضرار كبيرة في كروم العنب في سورية. أما في كل من مصر والعراق ومناطق شبه الجزيرة العربية ولشدة الضرر الذي تلحقه بثمار البلح يطلق على هذا الدبور اسم دبور البلح. (وهنا أود أن أذكر بأن أجزاء الفم عند النحل ليست قارضة وإنما ساحقة ولاعقة فهي لا تقوى على القضم مثل الدبابير وبالتالي ليس لها أضراراً على العنب وإنما يأتي النحل ليتغذى على العصارة الموجودة في الثمار المقروضة من قبل الدبور أو غيره).
على الإنسان:
يمكن أن تهاجم الإنسان عند اقترابه من أعشاشه وتكون لسعته مؤلمة وتسبب أوراماً وآلاماً شديدة. لكن وبخلاف النحل فإن الدبور يستطيع أن يلسع مرة أخرى لكونه يستطيع أن يسحب آلة اللسع من الجسم الملسوع نتيجة كونها ملساء وغير مزودة بأشواك كما في النحل. يعد هذا الدبور مصدر إزعاج كبير لقطعان الماشية التي ترعى في أماكن انتشار أعشاش الدبابير، كما يتعرض عدد كبير من الناس إلى لسع الدبور وخاصةً رعاة الغنم في الأراضي البور والأشخاص الذين يكون عملهم أو سكنهم قريباً من أعشاش الدبابير، مثل البيوت الطينية القديمة والمباني كثيرة الشقوق.
دورة الحياة:
تشبه هذه الحشرة النمل والنحل في كونها حشرة اجتماعية المعيشة، تعيش في مستعمرات وتبني لنفسها أعشاشاً لتسكنها. تتألف المستعمرة من ملكة واحدة وعدة مئات من العاملات (إناث عقيمة) وبضع ذكور.
عندما تشعر الملكات الملقحات بالدفء في بداية الربيع تخرج من بياتها الشتوي فتبدأ بتأسيس مستعمرتها معتمدةً على نفسها في جميع الأعمال؛ حيث تفضل الأراضي البور لبناء عشها ضمن نفق في التربة أو قد تختار شقوق الجدران والبيوت الطينية وخاصة المهجورة منها أو بين شقوق الصخور. حيث تصنع بداخلها أقراصاً ذات عيون كبيرة مستديرة تشبه إلى حد ما أقراص النحل، ويتكون العش من أقراص مرتبة بشكل عمودي (قد تصل لخمس أقراص) ويكون لونه من لون مكونات البيئة المحيطة إلا أن قوامها مادة سليلوزية ورقية أوالكرتون ومخلوطة باللعاب.
مكان عش مستعمرة الدبابير
قرص حضنة للدبابير (مكون من مواد سللوزية)
بعد ذلك تبدأ الملكة الملقحة بوضع البيض ورعايته حيث تقوم بتغذية اليرقات بالمواد السكرية وأجزاء الحشرات التي تفترسها ولهذا يكثر رؤية الملكات خلال منتصف نيسان وحتى أواخر أيار، تختفي بعدها في العش حيث تقوم بوضع البيض فقط، ويتطور هذا العدد القليل من العاملات ليصبح أثناء الصيف مستعمرة كبيرة تتجاوز بضع مئات من الأفراد. إن اتجاه الخلايا السداسية في الأعشاش هو نحو الأسفل ولكن عند خروج اليرقات فإنها لا تسقط منها لوجود مادة كيتينية ترتبط بها بأسفل الخلية. تقوم العاملات في المستعمرة بعدة وظائف منها العناية باليرقات، والدفاع عن الطائفة وحراسة الخلية والتحكم بدرجة الحرارة فيها. ويعتمد التواصل الداخلي بين أفراد الطائفة على عدد من المحفزات والأصوات التي تنظم سلوك الأفراد في السروح والتغذية وإيجاد الطعام وخزنه وغيره من الوظائف.
يحصل الدبور على المواد السكرية من المصادر الرحيقية المتنوعة في البيئة المحيطة مثل الإفرازات النباتية والمن أو يقوم بافتراس عاملات النحل أثناء السروح وعند مداخل الخلايا للحصول على مواد بروتينية والعسل من حوصلة العسل. كما تفرز يرقات الدبور الشرقي سائل يحتوي على جلوكوز وإنزيم البرتولتيك وبروتين تتناوله العاملات والملكة ويسد أهم احتياجاتها.
عندما يكثر عدد العاملات في العش (خلال الأواخر الصيف وبداية الخريف) تخرج الملكة لتضع البيض في أعشاش جديدة ذات عيون واسعة، وتعطي هذه البيوض إناثاً وذكوراً خصبة. وهنا تهاجم الذكور المناحل لفترة قصيرة ولذلك يعد خطر الذكر مؤقتاً لكونه يموت بعد تلقيح الملكة، وعند بداية الشتاء تموت جميع أفراد المستعمرة سواءً الملكة القديمة أو العاملات وكذلك الذكور وتبقى الملكات الملقحة الجديدة والتي تبحث عن مكان مناسب تختبئ فيه بين الشقوق أو الصخور لتقضي فترة البيات الشتوي.
تستغرق دورة حياة العاملة 29 يوماً، الذكر 39 يوماً أما الملكة 42 يوماً.
أهم طرائق مكافحة الدبابير وحماية طوائف نحل العسل منها:
الإجراءات الوقائية:
- يجب على النحال العمل دائماً على تقوية طوائف النحل فهو أفضل وأنجح الوسائل لحماية الطوائف من جميع أعدائها، وذلك بضم الطوائف الضعيفة حتى يمكن الحصول على طوائف قوية يمكنها مقاومة الدبور. فمن المعروف أن الدبور لا يستطيع الدخول على الخلية القوية وإن دخل فمحكوم عليه بالموت لا محال.
- عدم وضع المناحل قرب كروم العنب أو الأراضي المبورة التي تكثر فيها أعشاش الدبابير.
هجوم الدبور على خلايا النحل حيث يقوم باقتناص عاملة من مدخل الخلية
هذه الصورة تمثل الدفاع الحراري للنحل ضد الدبور حيث يقوم النحل برفع
درجة الحرارة حول الدبور إلى 48 س مما يؤدي لموته
طرائق المكافحة:
- قتل الملكات الملقحة خلال شهري نيسان وأيار حيث يمكن اصطياد الملكات بواسطة مضارب من الكاوتشوك تضرب الملكة بها أثناء طيرانها وترددها على خلايا النحل أو على مشارب المياه. وتعد طريقة فعالة لأن القضاء على ملكة يعني القضاء على مستعمرة كاملة في المستقبل. كما يمكن استعمال الطعوم السامة بإضافة مبيد حشري عديم الرائحة (لانيت) إلى لحم مفروم أو بقايا سمك ونشرها على لوحة ترفع بعيداً عن القطط. فالدبابير الآن كلها ملكات وتقوم بالتغذي بنفسها مما يسهل تسميمها والتخلص منها.
الدبابير تأخذ قطعة من المادة الجاذبة المسممة
البحث عن الأعشاش القريبة من المنحل: وذلك بتقطيع قطع صغيرة من اللحم تربط إلى شريحة من ورق السولفان أو ورق فسفوري، وتوضع هذه القطع في وعاء يوضع بالقرب من مكان يتردد عليه الدبور ويسهل بعد ذلك تحديد مكان العش وموقعه بعد التقاطه لهذه القطع البراقة، بعد تحديد مكانه توضع علامة قريبة من مدخله مع التأكد من عدد المداخل والانتباه لعدم الاقتراب من العش دون ارتداء ملابس واقية، يتم بعد ذلك العودة إلى موقع العش بعد الغروب لوضع مبيد حشري غازي مثل الفوستوكسين(حب الغاز)، ويمكن استخدام مادة سيانيد الصوديوم أو البوتاسيوم أو مبيد حشري (سيفين)، ثم يتم إغلاق مداخل العش بطينة معدة مسبقاً ويتم العودة إلى العش بعد يومين للتأكد أن الدبور لم يجد مخرجاً جديداً.
- يمكن استخدام ألواح من البلاستك أو الخشب ودهن اللوح بلاصق الفئران ووضع قطع من اللحم المفروم أو السردين في منتصفها. وللحصول على نتيجة جيدة للمكافحة يوضع لحم مفروم أو سردين في قفص قريب من مكان يرتاده الدبور لمدة يوم توضع كمية أخرى من اللحم في اليوم الثاني ليعتاد الدبور عليه، في اليوم الثالث تخلط كمية اللحم بمادة سامة عديمة الرائحة بطيئة الفعالية، ويحرص على وضع الطعم في قفص لحماية الحيوانات والطيور.
- استخدام مصائد الدبور الجاذبة، وهي أفضل طرائق المقاومة حيث تساعد تلك المصائد في تخفيف شدة الهجوم على الطوائف وصيد أعداد كبيرة من الدبور، ومن هذه المصائد نذكر:
• المصيدة ذات الأقماع:
أربع أوجه من الأسلاك المتشابكة تحتوي أقماع صغيرة ذروتها للداخل، في الأعلى فتحة ذات غطاء، ومزودة بخطاف لتعليق المادة الجاذبة (قطعة من كبد الحيوانات، سردين ...). يجب تبديل المادة الجاذبة كل 48 ساعة لتعطي استمرارية للرائحة لجذب الدبابير. كما يجب أن تكون المسافة بين ذروتي القمعين لا تقل عن 2سم. توزع المصائد حول المنحل وتعطي كفاءة مقبولة. تقتل الدبابير المصطادة بغمر المصيدة بالماء.
المصيدة ذات الأقماع (متوفرة في الأسواق)
• مصيدة الدبابير الثابتة:
يمكن للنحال تصميم هذه المصيدة وتجريبها. وهي عبارة عن إطار خشبي ارتفاعه 10 سم، طوله وعرضه نفس أبعاد صندوق الخلية ( في سورية 40.5×51 سم ) يحتوي في محيطه فتحات دائرية بقطر 5 سم يثبت عليها أقماع ذروتها باتجاه الداخل أحد الأوجه مغطى بصفيحة من الأسلاك المتشابكة والوجه المقابل مغطى بصفيحة من الخشب.
توضع هذه المصيدة أسفل قاعدة الخلية فوق كرسي الخلية مباشرة بحيث يكون الوجه ذو الأسلاك المتشابكة باتجاه الأرض وعندما يهاجم الدبور الخلايا بأعداد كبيرة يحيط بالخلية للتفتيش عن نقطة دخول تدخل عبر هذه الفتحات الموجودة في المصيدة أسفل قاعدة الخلية وتعلق في الداخل. يمكن وضع المصيدة تحت الكرسي على الأرض مباشرة مع وضع مادة جاذبة بداخلها وهنا تكون الكفاءة أكبر.
مصيدة الدبابير الثابتة
الـمـهـنــدس عـبـد الـرحـيــم قـصــاب
تعقيب:
الاخ الدكتور طارق مردود :
أشكركم والمهندس عبد الرحيم قصاب علي هذا المقال العلمي والعملي الرائع الذي يفيد حتماً كل النحالين في المناطق التي تعد موبوءه به. وانطلاقاً من مبدأ تبادل الخبرة أرجو قبول مداخلتي التالية :
1- يتزامن انتشار الدبابير الحمراء مع بداية تفشي الفاروا، وبذلك إذا لم ينتبه النحال إي ذلك ويركز فقط علي الدبابير سوف يخسر الكثير من نحلة وربما العدبد من الخلايا .
2- معركتنا السنوية مع الدبابير لن تنتهي أبداً، وأول استراتيجية لنا يجب أن تركز علي أمن الخلية الداخلي، بمعنى أن نتأكد من أنها بها ملكة بياضة والخلية قوية وأنها مكتفية من كميات الغذاء من العسل وحبوب اللقاح (كماً ونوعاً )، وأن باب خليتها عليه بوابة تمنع الدبابير من الدخول أصلا للخلية -المسطرة السورية المشهورة -، أو تضيييق المداخل بأي وسيلة تسمح للنحل بالدخول وتمنع البابير من الدخول. وبهذا نستطيع المحافظة حتي علي الخلايا الضعيفة .
: سيف الدين شحادة /خبير نحل
الاردن
sayf_uddin@yahoo.com
|