أما أسبب التراجع فهي في الحقيقة مجهول فالبعض يضع اللائمة على المواد الإشعاعية و التلوث الناجم دخول الاحتلال وما نتج عنه من حرائق و مواد مجهوله وكان جراء ذلك كثرة تلوث الهواء من حرق الأخشاب ودخان الحرائق
جراء الحرب و غازات المركبات و غيرها,أثرت سلباً على المستوى العام للنحل فالنحلة حشرة حساسة جداً للثلوث الجوي و جسمها المحاط بالشعيرات الدقيقة قادر على التقاط المواد الخفيفة المحمولة في الهواء عندما تجني النحلات اللقاح من الزهور،حيث تحمل معها مختلف أنواع الملوثات الموجودة في النباتات وفي الجو كالرصاص، والنحاس، والألومنيوم، والنيكل وتجلبها إلى الخلية .
و هناك ظاهرة اختفاء النحل ccd التي ظهرت في أمريكا الشمالية في 22 ولاية +مناطق في كندا،و أعلنوا
النحالين الأوروبيون عن أعراض مشابهة في كل من بولندا و اسبانيا و ايطاليا و البرتغال ،و مؤخرا تقارير أولية من المانيا و سويسرا و بعد بحث فريق بقيادة علماء من الولايات المتحدة من وزارة الزراعة مع البحوث الزراعية (جمعية الاغاثه الارمنيه) و جامعة ولاية بنسلفانيا و وجامعة كولومبيا قد وجدت الرابط بين ظاهرة اختفاء النحل و فيروس يسمى فيروس الشلل الاسرائيلي الحاد
( Israeli acute paralysis virus ), وأدت هذه الظاهرة إلى خسائر كبيرة
بما يزيد على 50 % في النحل ومنتجاته و على النباتات التي تعتمد النحل في التلقيح حيث كان خسائر الولايات المتحدة بما يزيد على 15 مليار دولار بسبب النقص الحاصل في تلقيح المحاصيل من قبل النحل ففي ولاية كاليفورنيا وحدها قدرت الخسائر ب 1,3مليار دولار بسبب النقص الحاصل في تلقيح أشجار اللوز ( علماً إن هذا الرقم لا يشمل الخسارة في النحل و منتجاته !!)
ولا نعلم إن كان هذا المرض دخل العراق و الدول من حوله التي تعاني من نفس المشاكل و التراجع في النحل و انتاجيته و إن كان هو المسبب لهذا التراجع المخيف في النحل العراقي لأننا ببساطة لا نملك أي مركز لأبحاث النحل في العراق إضافة إلى عدم وجود اهتمام فعلي من وزارة الزراعة بهذا القطاع
و من الأسباب الإضافية لانهيار النحل عدم استتباب الأمن في الشارع العراقي لاسيما بعد دخول القوات الأمريكية و سقوط النظام في 2003م حيث شهد العراق فراغاً سياسياً أثر سلباً على البنى التحتية و الخدمات, فلم يتوقّع مربّو النحل أن يأتي يوم لا يستطيعون فيه نقل نحلهم إلى مناطق داخل بلدهم، خوفاً من سطوة الجماعات الإرهابية،
فيما أتت كثرة الحروب واستخدام الأسلحة المحظورة على النسبة الأعظم من مملكات النحل العراقية التي يمتد تاريخها إلى آلاف السنين. وقد شاءت الأقدار أن تتحوّل أغزر مناطق العراق إنتاجاً للعسل العراقي إلى ساحات للاقتتال والصراعات، وأن يتحوّل اسمها من مناطق خضر إلى مناطق ساخنة عصفت بهذه الثروة الكبيرة التي كانت مصدراً لعيش آلاف العراقيين,
مما حدا المواطنين إلى قطع الأشجار ومنها المنتجة للرحيق مثل اليوكالبتوس والسدر للتعويض عن نقص المحروقات, فأزيلت الكثير من الغابات و الأحزمة الخضراء وقطعت قطعاً جائراً أو ماتت بسبب العطش و الإهمال, وأدى ذلك لضيق مراعي النحل في المحافظة خاصة أن كبار نحالي المحافظة قد إنحسر
عملهم في المحافظة بسبب الوضع الأمني و عدم القدرة على نقل المناحل بعدما كانوا يتنقلون بالنحل إلى المحافظات الوسطى (الصويرة – جبلة – ديالى – اليوسفية وغيرها) والشمالية من القطر(ربيعة في فصل الصيف).
ففي فصل الصيف الفائت، وخصوصاً في شهرأب المنصرم حيث و صلت درجة الحرارة الى 50 م عملت على شلّ قدرة النحل وعدم تكاثرها
(الحضنة والفروخ) قبل موسم الخريف ( موسم السدر ) ، حيث وصل الإنتاج إلى الصفر عند كثيرين من النحّالين، بعدما كان يفوق إنتاج بعض القفران العشرين كيلوغراماً من العسل الصافي ساهما في تلف موسم الزهر قبل أوانه لذا يجب توفر بدائل التغذية من خبز نحل و محاليل سكرية وفيتامينات خاصة بالنحل لغرض تقوية النحل وإنتاج العسل بأنواع مختلفة كماً و نوعاً
و كان الرش الجوي غير المجدول عاملاً من عوامل قتل النحل عندما يعمل النحل في الحقول التي رُشت بالمبيدات فإنه يصبح بتلامس مباشر معها و تلوث مصادر مياه النحل الموجودة بالقرب من المناحل
وهذه المركبات ذات تأثير سام كبير جدًا بالملامسة فإن غالبية النحل سوف لا يتمكن من الرجوع إلى الخلايا ويموت في الحقول أو في المناطق المجاورة وعندما يكون تأثير المركبات بطيئاً أو تدريجيًا فإن قسمًا من الشغالات تعود إلى الخلايا ويموت داخلها أو بالقرب من مدخلها .. وفي بعض الحالات تؤثر السموم العالقة بشعيرات جسم الشغالات على الشغالات الأخرى التي تلامسها.
ومن اسباب تراجع النحل عدم وجود مراكز أبحاث لتربية الملكات و تطويرها فالعراق يخلو من مراكز بحثية متخصصة بتطوير مشاريع تربية النحل و تحسين سلالاتها كذلك عدم وجود أي مركز لقياس جودة العسل في العراق عموماً ً, فالأسواق تمتلئ بأنواع العسل من مناشئ مختلفة فمنه ما هو طبيعي لم تخالطه أي مادة ومنه ماهو مغشوش تعرضت له الأيدي بإضافة السكر الأبيض
أو الكلوكوز أو مواد أخرى . وان إغراق الأسواق بهذه الاعسال له تأثير على المستهلك من جهة ومربي النحل من جهة أخرى فجهل المواطن بمصدر هذه الأعسال وتنوع الملصقات التي تزينها والفن في طرق الغش جعل سبل إيجاد العسل الطبيعي من الصعوبة بمكان خاصة مع حرية دخوله الأسواق العراقية دون قيد أو شرط وعدم وجود أجهزة مراقبة لفحص العسل الوارد للقطر .
والضرر الأخطر والأكبر هو على قطاع تربية النحل نتيجة للمضاربة الإغراقية للأسواق بالعسل المستورد من مناشئ مجهولة وبأسعار بخسة فقد فقدت كندا 75% من تعداد مربي النحل رغم وجود جهاز مراقبة مستمرة لكشف
غش العسل في كل مراحل إنتاجه وبالرغم من إنهم يمنعون دخول أي عسل أجنبي قبل إخضاعه للفحوص المختبرية أما في لبنان قررالمجلس الأعلى للجمارك وضع رسم إضافي على العسل المستورد بحيث يجب الا يقل عن ثمانية الاف ليرة لبنانية عن كل كيلو عسل. (قرار رقم 102 تاريخ 30 ايلول 1999) أما المبالغ المستوفاة من هذه الضرائب يدعم بها قطاع تربية النحل .
أما العراق فالحدود مفتوحه على مصراعيها للمواد المستوردة دون قيد أو شرط و ليست هناك حتى ضربيه كمركية !!!! و كذلك عدم وجود أي مختبر للكشف عن جودة العسل !!! قلة وعي المزارع العراقي بأهمية النحل
قلة وعي المزارعين بأهمية الثروة النحلية ففي الوقت الذي نجد فية ان المزارع الاوربي أو الامريكي يؤجر خلايا النحل لغرض تلقيح المحاصيل في مزارعهم نجد ان المزارع العراقي يأخذ أجرة و نسبة من المناحل التي تنتقل الية !! علماً ان الجمعيات المتخصصة بتربية و تطوير النحل يكون أغلب مواردها من ايجار المناحل للمزارعين طبعاً في خارج العراق!!
و من أسباب قلة ثقافة المزارعين بأهمية النحل غياب الدور الارشادي الزراعي و الاعلام الزراعي في هذا المجال و عدم الاهتمام به , فتستطيع هذه الجهات نشر هذه الثقافة من خلال الندوات الزراعية و الاعلانات في الشعب الزراعية و توجيه المزارع لأهمية النحل في تلقيح المزروعات و زيادة نسبة الانتاجية كماً و نوعاً .
الممارسات الخاطئة للنحالين في تربية النحل
- ضعف الخلايا ( حيث يعمد عدد من النحالين الى اكثار عدد الخلايا بالتقسيم الجائر)
- قلة التنقل ( فهناك بعض النحالين الذين لا ينقلون نحلهم مما يؤدي ضعف النحل لعدم تنوع ووجود الأزهار على مدار العام )
- عدم تغذية النحل عند شحة الغذاء –فالتغذية من الامور البديهية في مواسم الشحة خاصة عند عدم نقل النحل )
- عدم استخدام الطرق الحديثة في تربية الملكات و اعتماد الطرق التقليدية القديمة و عدم الاطلاع على التطورات في تربية النحل الحديثة .
- و الاعتماد على إنتاج العسل و إهمال غيرة من المنتجات الأخرى
السبل الكفيلة برفع مستوى قطاع تربية النحل
- الإسراع في طلب المساعدة من المنظمات الدولية المختصة للكشف على المناحل العراقية و معرفة سبب انهيار مستعمرات النحل في العراق .
- استيراد سلالات من النحل ذو إنتاجية عالية لأن الملكة الجيدة هي العامل الأساس في وفرة الإنتاج والمساعدة في تحسين السلالة المحلية مثل النحل الإيطالي و اليوغسلافي و تعويض مربي النحل بها لسد النقص الحاصل و رفع الطاقة الإنتاجية للمناحل و بالتالي للزراعة من خلال التلقيح الخلطي
- على المدى القريب دعم النحل ببدائل التغذية الطبيعية من خبز نحل نوع (نكتابول) وبدائل السكرية والفيتامينات ومنشطات لتقوية الطوائف والحد من التراجع فيها و توفير العلاجات و المواد الوقائية لأمراض النحل للحد من انتشارها بين المناحل.
- جدولة الرش الجوي بين المحافظات المتجاورة بفارق عدة ايام ليتمكن النحالون من نقل النحل إلى المحافظات المجاورة والتوصية بإستيراد المبيدات الزراعية قليلة السمية للنحل
- توفير مستلزمات النحالة لمربي النحل وبالمواصفات العلمية الحديثة .
- انشاء مركز أبحاث خاص بالنحل لمتابعة أمراض النحل وتحسين السلالات النحلية.
- على المدى البعيد توسيع الرقعة الخضراء
وخاصة بالأشجار المنتجة للرحيق و الحل يكمن في منع القطع العشوائي للأشجار المنتجة للرحيق من قبل المواطنين و فرض غرامة مالية كبيرة على المخالفين أسوة بالقوانين المتبعة في إقليم كردستان للمحافظة على هذه الثروة الطبيعية واعتبارها محميات طبيعية اضافة الى زرع الاشجار الرحيقية و التشجيع على زراعتها كأسيجة و على جوانب الطرق و غيرها .
- الطلب من مراكز الارشاد الزراعي و الاعلام الزراعي القيام بحملة اعلامية لتثقيف المزارعين بأهمية النحل للمزروعات .
- الطلب من الجهات المعنية فرض الرقابة الوقائية على العسل سواء من
داخل القطر أو من خارجه و فرض الضريبة الكمركية للأعسال المستوردة وحفاظاً على حقوق النحال و المستهالك العراقي طالبنا باصدار قانون يمنع استيراد العسل الذي يكون ممزوجاً بأعسال مستوردة ليست من بلد المنشأ و فرض ضريبة على العسل المستورد تكون عائداتها لتنمية تربية النحل في العراق و ذلك بأنشاء محطات البحوث و التطوير و الدعم هذا القطاع . .
- تطوير تربية النحل علمياً بإيفاد مجموعة من نحالي القطر إلى بعض الدول المتقدمة في مجال تربية النحل لزيادة الخبرات و الارتقاء في هذا المجال .
منتصر صباح الحسناوي
رئيس جمعية نحالي النجف الأشرف
Montasir_sabah@yahoo.com
موبايل/07801190083