موقع نحلة للنحالين العرب موقع نحلة للنحالين العرب موقع نحلة للنحالين العرب
   الصفحة الرئيسية           المـقـالات           الأخـبــار           الــصـــور            الـمـجــلــة    
 
تـقـاريـر واسـتـطـلاعـات أرسل لنا تقريراً أو
استطلاعاً عن بلدك

متى تحارب لسعات النحل الأمراض المستعصية


أنس عابد

[ اللسعات الشافية لا تخلو من مخاطر

النحل بين يد الطبيب والمتطبب

يوجد في سم النحل علاج لنحو 140 مرضا، لاحتوائه على مواد طبية عضوية غير كيميائية، لا تسبب مضاعفات جانبية




النحلة تموت من أجل شفاء البشر



الخليل (فلسطين) - يتعلق المريض بأي دواء يوصف له ليخفف من آلامه وأوجاعه وتزداد قناعته بطرق مداواة لم يكن مقتنعا بها من قبل، لكن فشل الطب في شفائه يجعله يلجأ إلى الأعشاب والحجامة، ولسعات النحل، وهي طريقة علاج ظهرت في السنوات الأخيرة في الدول العربية وشدت اهتمام العديد من المرضى الذين تنقلوا كثيرا بين الطبّ العام وطب الاختصاص ولم يجدوا لدائهم دواء، وصاروا يقفون طوابير أمام مكاتب العلاج بلسعات النحل دون أن يسألوا عمن يداويهم.


هل هو طبيب مختص درس في الجامعات وتخرج منها بشهادة طبيب، أم هو متطفل على ميدان العلاج ليكسب الأموال الطائلة مقابل وهم يبيعه لمن يأملون في أن تغادر آلامهم ومعاناتهم أجسادهم العليلة.

ويشهد هذا النوع من ”الطب البديل“ إقبالا كبيرا، ويروي عاملون في هذا المجال والعديد من المرضى حالات تماثلت للشفاء بهذا الأسلوب حتى عرف بالـ“لسعات الشافية“.

والعلاج بلسعات النحل، منتشر عالميا، ففي الولايات المتحدة الأميركية، توجد نقابة مرخصة تضمّ عشرة آلاف طبيب يزاولون مهنة المعالجة بسم النحل، وفي الصين وبريطانيا، توجد جمعيات وعيادات متخصصة في هذا النوع من العلاج.

وفي مدينة بون الألمانية مستشفى يستخدم سمّ النحل فقط في علاج التليّفات ٬ وفي اليابان تخصصت إحدى الكليات في منح الدكتوراه للعلاج بالنحل٬ وفي الدول العربية يوجد في مصر مركز أبحاث ”العلاج بسمّ النحل“ بمقر كلية العلوم الزراعية البيئية بالعريش ٬ وفي الكويت عقد مركز بحوث النحل بالنادي العلمي العديد من الندوات والمحاضرات عن استخدامات لسع النحل في العلاج، وكذلك في تونس والجزائر.


لسعات مؤلمة خير من سقم دائم



ويعمل بهذا النوع من العلاج أطباء درسوا الطب في الكليات، وينشط في هذا المجال بيولوجيون ومهندسون وتقنيون بتربية النحل، ومنهم من كان يمتهن الحجامة فاستبدل اختصاصه بالعلاج بالنحل لكثرة الإقبال عليه ويقول هؤلاء، إن سم النحل يعالج العديد من الأمراض لغناه بالكثير من الجزئيات الفعّالة والتي تفوق مضادات الالتهاب القشرية وغير القشرية وبأقل آثار جانبية، فعندما يدخل سم النحل إلى الجسم ينبّه النظام العصبي إلى موضع الألم في تلك النقطة، فيتداعى لها بالسهر لإيقاف إشارة الألم العصبية، وتبدأ مكونات الجسم بالتفاعل مع مكونات سم النحل كأجسام غريبة لتفاجأ بأن الكثير من مكوّنات هذا السّم صديقة حميمة للجسم وللنظام العصبي والمناعي، أما آثاره الجانبية وما يسببه من حساسيات خطيرة، فهي نادرة مقارنة بالآثار التي تخلّفها العقاقير الطبية.

ويؤكد هؤلاء أن سمّ ولسع النحل يساعدان في مداواة العديد من الأمراض التي عجز الطب عن مداواتها مثل الروماتيزم والغضروف وأوجاع المفاصل والصداع النصفي والثعلبة والسرطان، إضافة إلى الشلل الدماغي والتهابات الكبد والكلى، وضمور العصب السمعي ومرض التوحّد الذي لم تعرف أسبابه وعلاجه إلى الآن.

في المقابل يرى هؤلاء أنهم لا يستطيعون العلاج بسمّ النحل في بعض الحالات، كحالات الحساسية المفرطة، لأنه إذا تعرّض أصحابها للسع قد تتعرّض حياتهم للخطر، وكذلك حالات الذين يُعانون من أمراض القلب وضغط الدم ومرضى السلّ الرئوي، إضافة إلى الحوامل.

من الباطنية إلى الطب البديل يزور الكثير من المرضى عيادة الطبيب عاصم التميمي في مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، لقد ذاقوا مرارة الأدوية والعقاقير الطبية، فلجأوا إلى النحل كنوع من الطب البديل.

التميمي، الطبيب المتخصص بأمراض الباطنية منذ نحو 20 عاما، أدخل إلى عيادته الخاصة العلاج بلسعات النحل للتداوي من أمراض عدة. وبينما كان يمسك بملقطه، إحدى عاملات مملكة النحل، ويضعها أسفل ظهر أحد مرضاه لتغرز إبرتها فيه حتى تموت، يقول التميمي، يوجد في سم النحل ”علاج لنحو 140 مرضا، لاحتوائه على مواد طبية عضوية غير كيميائية، لا تسبب مضاعفات جانبية“.

ويستخدم الطبيب الفلسطيني، سم النحل (عبارة عن إفراز حامضي سائل يصدر من غدد حامضية تقع خلف جسم النحلة) في ترميم الأعصاب، وإعادة المادة اللزجة للركبة، وعلاج الغضروف والبصر، والعقم والصداع والجيوب الأنفية والتهاب الكبد الوبائي، وغيرها. ومن الحالات التي عالجها التميمي ”رجل متزوج منذ 18 عاما، لم يتمكن من الإنجاب، وبعد معالجته بلسعات النحل تعافى وأنجب“.


متطببون بلا علم



فكرة الطب البديل لدى التميمي، لم تأت من فراغ، فهو الذي ذاق لسع النحل في جسده قبل مرضاه، عندما كان يعاني من ألم في المفاصل، وبعد أن استنفد كافة أنواع العلاج الكيميائي، ذهب إلى العلاج بلسعات النحل في العاصمة الأردنية عمان، حيث تماثل للشفاء هناك. ويقول التميمي ”يحتاج المريض إلى بضع جلسات ليتعافى من المرض، ولكل مريض مواقع محددة بالجسم للسع، وذلك بحسب نوع المرض“.

وهنا يبيّن الطبيب أن بعض المرضى لديهم حساسية من اللسعات، وهو ما يحتاج إلى تروّ في تقدير العلاج والتدرج حتى يتعوّد الجسم على ذلك، وعادة ما يتمّ لسع الموقع المحدد للمريض بخمس إلى سبع لسعات في كل جلسة. والعاملة الوحيدة من عاملات مملكة النحل لا يمكن لها سوى القيام بلسعة واحدة تموت بعدها، وفق التميمي الذي يمتلك عددا من خلايا النحل فوق سطح منزله لاستخدامها في علاج مرضاه.

عثمان سلطان، الذي رغم شفائه من آلام الديسك التي كان يعاني منها بعد خضوعه لـ 18 جلسة بلسع النحل، مازال يتردد بين الفينة والأخرى على عيادة التميمي للحصول على جلسة جديدة. وعن ذلك يقول الطبيب ”هذه الجلسة لا تضر على الرغم من شفائه، فهي تعطيه مناعة ضدّ أمراض قد تكون مخفية، كما أن اللسعات تريح الأعصاب“.

وعن مرضه يقول سلطان ”عندما علمت بهذا العلاج لدى الدكتور التميمي، أصبحت أتردّد على عيادته، وبعد 18 جلسة أستطيع القول الآن، أنني كنت من قبلُ مريضا بالديسك“. ويضيف ”قبل المجيء إلى العيادة، شخّص الأطباء حالتي بوجود غضروف بين الفقرتين؛ الرابعة والخامسة، وبين الخامسة والسادسة، عالجت إصابتي كيميائيا لفترة وجيزة، ولكن دون جدوى“.

الاحمرار في أسفل ظهر سلطان كان يبدو جليا، بعد لسعه بخمس نحلات، لكنه يقول ”أتحمل تلك اللسعات لدقائق، أهون من ألم يصاحبني طوال حياتي“.


لسعات مؤلمة خير من سقم دائم


يستطيع الطبيب تلافي الآثار السلبية التي قد تخلفها لسعات النحل وذلك بحكم إلمامه بالأمراض والأدوية، لكن ماذا يفعل من امتهن المداواة بالنحل عن طريق الصدفة أو بعض الخبرة؟ في غزة وعلى إثر الحصار الذي تسبب في النقص الدائم للأدوية لجأ المرضى إلى الطب البديل كطب الأعشاب والمداواة بلسعات النحل.

وحوّل راتب سمور بيته إلى عيادة للعلاج بسم النحل رغم اختصاصه في هندسة الزراعة، ويقول مرضاه إنه نجح في شفائهم من عللهم. يقول سمور إن علاقته بالنحل ”بدأت منذ عام 1979 ، عندما أنهيت دراستي الجامعية، متخصصا بوقاية النبات والحشرات، وبعد عام من تخرجي وجدت أبي يعاني من مرض في ظهره يقعده عن العمل لأيام طويلة، فقلت في نفسي لقد تعلمنا في الجامعة عن فوائد سم النحل الذي يحمله فلأجربه، وعرضت على أبي ذلك فوافق، وبعد عدة لسعات تعافى من المرض“.

ويضيف ”بدأت أعالج باللسع منذ عام 2003 ، واقتصر عملي في البداية على مرضى الروماتيزم، ومنذ سنوات بدأت في معالجة مرضى الروماتويد، وهو الاسم العملي لمرض الروماتيزم المزمن، الذي ليس له علاج في الطب الحديث، وتطور الأمر لأبدأ في معالجة معظم الأمراض“

وقال سمور الذي يرفض أن يناديه مرضاه بالدكتور ”الحمد لله 90 بالمئة من المراجعين، الذين حضروا هنا شعروا بتحسن كبير، وتعافوا من المرض الذي يعانون منه“، وذكر مثالا لطفل صغير في الرابعة من عمره، جاء هذا الطفل برفقة عائلته وهو لا يقوى على السير لإصابته بشلل دماغي منذ ولادته، وبعد عدة جلسات أصبح الآن يمشي ويتحرك. ولتأكيد كلامه، قال سمور مخاطبا الطفل، هيا يا إسماعيل قم وامش في الغرفة.. نظر الطفل إسماعيل أبوعميرة، في وجوه الحاضرين وهو يشعر بالخجل.. وبدأ يتحرك في الغرفة ماشيا على قدميه من دون مساعدة أحد.

ورغم نجاح هذا المهندس الزراعي في مداواة مرضاه، يحذر بعض الأطباء من العلاج باستخدام سم النحل بواسطة لسعات النحل من قبل غير مختصين في الطب. وأكد الأطباء أنه على الرغم من استخدام سم النحل الواسع إلا أن استخدامه لا يخلو من المخاطر المميتة، فهنالك 100 حالة وفاة سنويا تسجل عالميا للسع النحل، وهي ناتجة عن فرط الحساسية أو اضطراب القلب، لذا ينصح بعدم ممارسة هذا العلاج ما لم يكن المكان مهيّأ بالأشخاص والمعدات والأدوية الخاصة بالإنعاش القلبي الرئوي.

ومن الخطر والمغامرة بحياة الناس، أن يقوم نحّال أو معالج شعبي بإخضاع شخص ما للسع النحل دون أن يكون على علم بدرجة حساسية المريض لهذا السم.

اختص عاصم التميمي من مدينة الخليل بالأمراض الباطنية، ثم أدخل إلى عيادته العلاج بلسعات النحل، للتداوي من أمراض عدة، مثل ترميم الأعصاب وعلاج الغضروف والبصر.

حول المهندس الزراعي راتب سمور بيته إلى عيادة للعلاج بسم النحل بعد أن نجح في مداواة تحقيق والده الذي كان يعاني من مرض في ظهره.

يقبل العرب على العسل والغذاء الملكي والشمع وغير ذلك ممّا ينتجه النحل، لكن ذلك لا يعني أن فوائده تقتصر على هذه المنتجات لا غير، بل النحل يفيد أيضا في ميدان التداوي، وسمّ النحل بإمكانه أن يكون عالما قائما بذاته في مجال التداوي من شتى الأمراض، وله فوائد جليلة أيضا، حسب الكثير من الدراسات الطبية العالمية، ولا يقل أهمية عن العسل وغيره من منتجات الخلية.

"تحقيق العرب 20"
2016 /12/ 20


مسموح النقل من الموقع شريطة ذكر الموقع والمؤلف * www.na7la.com * منذ عام 2007