موقع نحلة للنحالين العرب موقع نحلة للنحالين العرب موقع نحلة للنحالين العرب
   الصفحة الرئيسية           المـقـالات           الأخـبــار           الــصـــور            الـمـجــلــة    
 
تـقـاريـر واسـتـطـلاعـات أرسل لنا تقريراً أو
استطلاعاً عن بلدك

آفة الفاروا التي تهدد إنتاج العسل


الكاتب: ربى عنبتاوي



"يحتار النحال أي نوع من المبيدات يستعمل للتخلص من آفة الفاروا، فهي عصية على الموت، وهي القلق الذي يلازم مربي النحل إلى الأبد". يقول شعبان.
تمتعض ربة المنزل الثلاثينية أم بهاء القاطنة في قرية رنتيس من رؤية تلك الحشرات الشبيهة بالعناكب تلتصق على نحلاتها لتمتص دمها، وذلك كلما أخرجت براويز الخلايا من مجموع عشرين خلية ( صندوق) حصلت عليها بمنحة من مركز العمل التنموي/ معا، كمشروع صغير يدر عليها دخلاً إضافيا لإعالة أسرتها، بإنتاج سنوي متوقع أن يصل إلى 200 كيلو غرام من العسل.



آفة الفاروا التي تهدد إنتاج العسل


الفاروا...الآفة الخبيثة العصية على الموت، تزج النحالين في حرب استنزاف سلاحها مبيدات كيميائية محظورة. على "مربي النحل أن يغيروا ويطوروا باستمرار من طرق مقاومة الفاروا، لأن تلك الحشرة الخبيثة تتأقلم مع المبيد. لا تفكر أم بهاء ببدائل أخرى غير الكيماوية حالياً، حيث تستخدم شرائح قاضية على الفاروا التي تتركها لمدة 6 أسابيع تضمن فيها تجميد تبويض الملكة وتخفيف ضرر الفاروا، مع إدراك أم بهاء التام بضرورة استخدامها قبل موسم الإنتاج في الربيع حتى لا تؤثر على العسل.

فيما يستخدم "النحال أبو عقل شعبان"" من قرية بيت عور في رام الله والذي يمارس تلك المهنة منذ أكثر من ستين عاماً ويملك مائتي خلية، عدة طرق للتخفيف من حشرة الفاروا منذ دخلت فلسطين والمنطقة في أوائل الثمانينيات محدثةً دماراً كبيراً لقطاع النحل وإنتاج العسل، حيث بدأ شعبان بمبيدات كيميائية توفرت حينها: كالمافريك في الثمانينيات، ثم الابيستان في التسعينيات، فالكبريت والبنزين بعد ذلك، كما اتجه للعلاجات العضوية في العقد الثاني من الألفية الحالية كاستخدام عشبة السذاب أو ما يعرف بالفيجن، والثوم والجعدة، وآخر ما استهدى به شعبان هو طريقة ميكانيكية أكثر نجاعة تتمثل في تخصيص خلية كاملة للملكات الكاذبات اللواتي ينجبن الذكور التي تستهوي بيوضها الفاروا، فتجذب أكبر عدد ممكن منها إلى هذه الخلية، ولاحقاً ترش البراويز بالبنزين لقتل الآفة.

يعترف شعبان أنه ما زال يستخدم البنزين في الخريف ( فترة عدم إنتاج العسل) للقضاء على الفاروا وربما تبقى مترسبات حسب قوله في الخلايا ولكنه يتساءل ما البديل؟ معاتباً وزارة الزراعة التي يفتقر مرشدوها للخبرات الكافية والرؤية الإستراتيجية حول كيفية تطبيق العلاج الشامل لكل المناحل كما تفعل دولة الاحتلال، التي تقاوم الفاروا بذات الوقت مع جميع المزارعين لضمان السيطرة عليها، وليس كما يحدث في الضفة الغربية من محاولات فردية لا تجدي نفعاً حيث تنتقل الفاروا بسهولة بين الخلايا السليمة والمريضة.
"على "مربي النحل" أن يغيروا ويطوروا باستمرار من طرق مقاومة الفاروا، لأن تلك الحشرة الخبيثة تتأقلم مع أي نوع من المبيدات، فهي عصية على الموت، وهي القلق الذي يلازم مربي النحل إلى الأبد". يقول شعبان.



آفة الفاروا على خادرة نحلة


ما هي الفاروا ؟
الفاروا المدمرة (Varroa destructor)، هي نوع من الحشرات يتبع جنس الفاروا من الفصيلة الفاروية، حجم هذا النوع صغير ويُرى بالعين المجردة، لونه بني غامق وشكله بيضاوي مسطح، ويعيش قراد الفاروا المدمرة متطفلاً خارجياً بين الحلقات البطنية للذكور أو يرقات النحل للإناث، ويتغذى على النحلة، وذلك بإحداث جرح في جسم النحلة بواسطة فمه، ثم يقوم بامتصاص دمها. اكتشفت الفاروا في جزيرة جاوة الإندونيسية عام 1904 على نحل العسل الشرقي، وانتقل بعدها إلى نحل العسل الغربي سنة 1952 وغزا كل بلدان العالم باستثناء أستراليا، وصار يتطفل على أنواع عديدة من النحل وأضحى أكبر مشاكل تربية النحل.


حشرات الفارواالعسل


طرق سليمة للقضاء على الفاروا مع مناحل النوباني
يهتم أصحاب عسل النوباني (الدكتور أحمد النوباني وشقيقه نضال) المتزودين بخبرة علمية واسعة في مجال النحل، بإنتاج عسل نظيف من السكر والكيماويات، حيث يملكون ألف خلية متنقلة حسب المناطق الرعوية وأوقات الإزهار في قرى شمال غرب رام الله ومناطق الخليل وبيت لحم وأريحا، ويتعاملون معها بعدة طرق للقضاء على الفاروا ومنها الكيماوي ولكن بحذر شديد.

يقول نضال مربي النحل والحريص على تميز مشروع عائلته بأنهم في علاج الفاروا يلجأون أحيانا للمبيد الكيماوي مثل (التشيك مايت، الابيستان الامريكي والصيني، الاميتراز) ولكن بحرص شديد وفرق زمني يصل لأربعة شهور بين فترة ركود النحل في الخريف والشتاء وإنتاج العسل في أيار، وما يتواجد من نحل في فترة العلاج الكيميائي يتم ضمان انتهاء دورته (يعيش 70 يوما) وتجدده بنحل جديد. ويلفت: "العلاج الطبيعي يقضي على الفاروا بنسبة 20-30%، فيما الكيميائي من 60-80%".

ويستخدم النوباني في خلاياه أيضا الطريقة الطبيعية المتمثلة بجذب الفاروا لحضنة الذكور حيث يكتمل غلق العيون السداسية خلال 24 يوم، ويتم بعد ذلك إزالة البروايز وإتلافها. كما يتم التعامل مع خلطات نباتية كزيت الزعتر والثوم للتخفيف من وجود الفاروا، مشيراً إلى توزيع وزارة الزراعة لشرائح حامض الاكسليك، لكنه من متابعته مع المزارعين، تيقن أن الأخيرة لم توفر الإرشاد المناسب للنحالين فلم يستخدموها أو أفرطوا في استخدامها.

وأضاف بأن إمكانيات قسم الإرشاد في وزارة الزراعة ضعيفة، فلا يوجد خبراء متخصصون بالنحل بشهادات جامعية إلا ما ندر، إنما يتلقى المهندسون دورات متفرقة في هذا المجال، فلا تتم معالجة الموضوع بالشكل الحكيم. وختم نضال متمنياً من وزارة الزراعة على الأقل أن تصادر وتضبط العسل المغشوش والمضروب والذي يسوق على انه عسل طبيعي، ويأتي بأثمان زهيدة من أوكرانيا مثلاً أو يطبخ منزليا من السكر الأبيض، وينافس العسل الأصلي والعضوي.


تسببت آفة الفاروا بهبوط نسبة إنتاج العسل بمقدار 50% في الضفة الغربية


وزارة الزراعة: هناك ثلاثة طرق، ونحن نقتدي بتجربة الغرب العضوية
امجد الجراعي، رئيس قسم النحل في محافظات الشمال في وزارة الزراعة، ذكر بدايةً أن إنتاج العسل في الأراضي الفلسطينية يبلغ سنوياً نصف مليون كغم من مجموع 50 ألف خلية (بمعدل 10 كغم عسل للخلية الواحدة)، مشيراً إلى أن عام 1981 كان نكسة للنحالين حيث قضت حشرة الفاروا على معظم المناحل الموجودة مع النحل البلدي، لتعود بعد عام تربية النحل مجدداً وتظل تلك الآفة مستمرة، ونتيجة لذلك استخدمت طرق عدة لتخفيفها وليس القضاء عليها، مضيفاً:" 60% من موت الخلايا بسبب الفاروا".

ولفت إلى أن طرق مكافحة الفاروا تبدأ من الكيميائي (الفاروك، الاميتراز، الابيستان) ولكنها سامة في حال لم تستخدم في فترة الأمان، مشيرا إلى أن الوزارة تشجع العضوي حيث قامت مؤخرا بتوزيع حامض الأكسليك (oxalic acid) على كثير من المزارعين اقتداءً بالتجربة الأوروبية في العلاج العضوي كاستخدام الحوامض وزيوت الكينا والزعتر، والميكانيكي (سبق وذكر أعلاه) والذي يقلل من الفاروا بنسبة 70%.
وحول توزيع حامض الأكسليك دون إرشاد عملي، قال الجراعي أنهم يوزعون نشرات مكتوبة حول طريقة استخدامه وأوقات الأمان، ولكن كل مزارع يتصرف على هواه.


المبيدات الكيميائية ترفع من نسبة السمية في العسل


مبيدات خطرة ومحظورة
اللافت أن بعض المبيدات الكيميائية التي يستخدمها بعض مربي النحل لمكافحة آفة الفاروا خطرة جدا ومحظورة في العديد من بلدان العالم. فعلى سبيل المثال، مبيد الأميتراز المذكور سابقا، محظور ليس فقط في دول الاتحاد الأوروبي، بل أيضا في مناطق السلطة الفلسطينية (وهو غير مشمول في قائمة مبيدات الآفات الزراعية المسموح تداولها للعام 2013-2014 الصادرة عن وزارة الزراعة الفلسطينية). ومن الثابت علميا (منذ زمن طويل) أن هذا المبيد الذي ينتمي إلى المجموعة الكيميائية المعروفة بـ "كربمات" (carbamates)، يتسبب بأمراض سرطانية، ويتلف الجهاز العصبي المركزي، وقد يتسبب أيضا في تلف الجهاز التناسلي وتشوهات في الجنين وهبوط مستوى نبضات القلب (كرزم، جورج. المبيدات الكيماوية والحرب القذرة، 1999).

كما أن مبيد "الأبيستان" غير مشمول في قائمة مبيدات الآفات الزراعية المسموح تداولها للعام 2013-2014. المادة الفعالة في هذا المبيد (fluvalinate) تنتمي إلى المجموعة الكيميائية المعروفة بـ (pyrethyroids) التي قد تتلف الجهاز العصبي المركزي وتتسبب في تضخم أوزان الكبد والكلى وقد تتلف أنسجة الكبد ("شبكة الإرشاد ضد التسمم": Extoxnet).


حشرة الفاروا على نحلة


معظم العسل الفلسطيني يرسب في المختبرات
واعترف الجراعي أن المشكلة تكمن في غياب المختبرات المتخصصة لفحص مدى السمية في العسل والتي من المفترض أن تحدد تسويق المنتج من عدمه، مع العلم أنه مطلب داخلي من قبل دائرته للوزارة ينتظر التفعيل منذ 10 سنوات. وقال مؤكداً: "عسلنا لا يصلح للتصدير لأوروبا وأمريكا، لارتفاع نسبة السمية فيه بسبب الاستخدام المفرط للمبيدات الكيماوية، فبدلاً من أن يكون العسل مادة علاجية وأملاً للمرضى يصبح مصدراً للأمراض". وأكد أنه بالإضافة للفاروا فالنحل يتضرر من مبيدات الأعشاب كالراوند أب والتي تعد المسبب الأول للقضاء على قطاع النحل، مشيراً أن رش الزيتون بالمبيدات سبب ضرراً بالغاً على قطاع النحل، فمن إنتاج 25 كيلو غرام للخلية الواحدة (الصندوق) قبل موجة المبيدات القادمة من إسرائيل، إلى 10 كيلو بعدها.

وأشار جراعي إلى أن النحالين يمارسون اجتهادات شخصية في القضاء على الفاروا، نظراً لأن الفاروا حشرة تتكيف مع أنواع المبيدات فتقاومها. وحول استخدام النحالين للبنزين فقد حذر الجراعي من ترسبه داخل الشمع لأنه مادة مسرطنة.



خلايا النحل التابعة لأم بهاء في قرية رنتيس


فحص كيميائي غائب في المختبرات
بلال عموس مدير مختبر جامعة بيرزيت، أشار في حديث مع آفاق إلى أن وزارة الزراعة تتعاون معهم منذ 3 سنوات في الرقابة على العسل المُعتمد في التصدير إلى بعض الدول وأغلبها عربية، حيث يهتمون بفحص جودة العسل من ناحية نسب: السكر الأبيض (السكروز) ونسبة الرطوبة وكثافة العسل وهل خضع لدرجة حرارة عالية أضرت بجودته أم لا. ونفى عموس نهائياً أن تكون الوزارة قد طلبت من المختبر فحص نسبة الكيماويات في العسل!!

غياب الفحص المتخصص بالمواد الكيميائية في العسل الذي مصدره أولاً: رحيق أزهار أعشاب ونباتات تتواجد في بيئة الرش العشوائي للمبيدات الكيميائية، وثانياً: مبيدات الفاروا التي لا يتقن استخدامها الكثير من المزارعين، يجعلنا نتساءل، هل العسل الذي نأكله نظيف من الكيماويات، أم ملوث بها، وأين تقع صحة المواطن من الإعراب؟ سؤال برسم إجابة جهات الاختصاص ؟؟

_____________________
للاطلاع أكثر عن حشرة الفاروا، يرجى زيارة الرابط التالي:
الفاروا: سؤال وجواب - موقع نحلة

"تحقيق العرب 20"
2016 /12/ 20


مسموح النقل من الموقع شريطة ذكر الموقع والمؤلف * www.na7la.com * منذ عام 2007