موقع نحلة للنحالين العرب موقع نحلة للنحالين العرب موقع نحلة للنحالين العرب
   الصفحة الرئيسية           المـقـالات           الأخـبــار           الــصـــور           منتدى النحالين العرب   
تـقـاريـر واسـتـطـلاعـات
المقالات
أرسل لنا تقريراً أو استطلاعاً عن بلدك

تربية النحل في تونس.. استراتيجية بيئية تبحث عن تفعيل

عبد الباقي خليفة


لا يتجاوز إنتاج تونس من عسل النحل ثلاثة آلاف طن، ولا تتجاوز خلايا النحل أو ما يعرف في تونس ببيوت النحل مليون خلية، منها 50 ألفا في القيروان، وتنتج الخلية الواحدة بين 10 و12 كيلوغراما من العسل في السنة، في حين لا يزيد عدد المربين عن 12 ألف مربٍّ، واستهلاك التونسي لا يتعدى 12 غراما إلى 25 غراما سنويا، بينما في دول أخرى يتجاوز استهلاك الفرد 6 كيلوغرامات.

ورغم أن وجود النحل مرتبط وفق علماء بيئة بالحياة، فإن الخبراء يؤكدون على الأهمية الاستراتيجية للنحل من أجل التوازن البيئي. وقال الخبير الزراعي عبد المجيد العزعوزي لـ«الشرق الأوسط»: «تمتاز البلاد التونسية بوجود مراعٍ هامة للنحل متمثلة في الأعشاب الطبية والنباتات العطرية التي يمكن من خلالها الحصول على عسل ذي جودة رفيعة، مصداقا لقوله تعالى: (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ)».

وتابع: «تعتبر النحلة من الناحية العلمية صيدلية متنقلة لأنها تنتقي الرحيق من مختلف النباتات الطبية والعطرية والأشجار المثمرة، والعسل يجلب الخاصيات العلاجية من النبتة التي تتغذى عليها النحلة».

وحول خصوصيات تربية النحل أفاد: «تربية النحل لها خصوصيات، من بينها تلقيح الأزهار، فـ80 في المائة من النباتات المزهرة يلقحها النحل. وينقل عن أينشتاين قوله: إذا اختفى النحل من الأرض لن يبقى مجال للإنسان للحياة سوى 4 سنوات. وهناك علاقة جدلية بين وجود النباتات والنحل، فانقراض النحل في مكان أذان بخرابه حيث يتبعه انقراض النبات ثم الحيوان، ويتبع ذلك هجرة الإنسان والعكس صحيح». وأردف: «في أوروبا هناك ما يسمى بالنحل الحضري الذي يربى في المدن وفوق أسطح المباني، فتربية النحل مهمة لحياة الإنسان، وهو من الأسس الضامنة للتوازن البيئي والتنوع البيولوجي، وهو ما تفتقده حاليا الدول العربية». وأشار إلى أن تونس كانت خضراء وكانت الأشجار تغطي كثيرا من مساحاتها بما ذلك الجنوب الصحراوي من طرابلس الغرب وحتى قسطنطينة الجزائرية، وجبال تونس من أغنى الجبال بالأعشاب الطبية والنباتات العطرية، وهناك آثار للغزال وللنعام في القيروان والكثير من المدن.

وأشار الخبير الفلاحي إلى النحل البري ودوره في تلقيح الأعشاب والنباتات وكل ما يعتمد عليه عيش الإنسان، داعيا إلى «ضرورة إعداد استراتيجية لتربية النحل كأمن قومي، ليس في تونس فحسب، بل البلاد العربية قاطبة. يجب إعادة إعمار اليابسة، وإعادة إعمار الجبال ببذور الأعشاب حتى لو تطلب الأمر جلبها من الخارج ثم زرع خلايا النحل فيها لإعادة تأهيل البيئة حفاظا على الحياة المزدهرة».

لقد لاحظ العلماء أن ما يعرف بالغذاء الملكي له تأثير كبير على ملكة النحل التي لا تتغذى سوى منه، كذلك بقية النحل في الأيام الثلاثة الأولى من فقسه، فجربوه على الإنسان وحصلوا على نتائج باهرة. وأصبح الغذاء الملكي دواء رسميا لتنشيط الخلايا من جديد. وهو الغذاء الذي يخرج من بطون النحل إلى جانب سم النحل الذي أصبح علاجا للروماتيزم والكثير من الأمراض.

من النباتات التي يتغذى عليها النحل في تونس: الإكليل، والزعتر، وأم الروبيا، والخروب، والسدر، والكالاتوس، وزهور التين البري، وغيرها من النباتات التي تنتج منها الأدوية.

وأوضح العزعوزي أن تربية النحل يمكن أن تكون ميزة لتونس في المستقبل حتى على الصعيد الاقتصادي، رغم أن الواقع يفيد بأن التعاطي مع النحل يتم بطريقة تقليدية. ومن المشكلات التي تتعرض لها تربية النحل هي المبيدات الحشرية التي يرش بها المحصول الفلاحي. «النحل يبذل مجهودا جبارا لإنتاج كيلوغرام واحد من العسل، منها قطع مسافة توازي ما بين الأرض والقمر (150 مليون كيلومتر)».

وقال أحد مربي النحل، محمد الهادي بن صالح: «كانت البداية عرض قدّمه لي أحد معارفي فقلت له لا بأس، وقد بدأت بعشر خلايا، وكان ذلك سنة 2001، ولدي الآن 20 خلية، وكل خلية تنتج بين 10 و12 كيلوغراما من العسل، وفي الأزمات لا تنتج شيئا». واشتكى من القراد الذي يصيب بيوت النحل مما يقتضي مداواة البيوت أو الصناديق في العام مرتين أو ثلاثة. وذكر بأنه يستغني أحيانا عن اللباس المعد للوقاية من لسع النحل لأنه مفيد، لا سيما لمن تعود على التعامل مع النحل. ولخص تربية النحل في ثلاثة أمور هي: «نفقات النحل، وحسن العناية به، وترويج المنتج».

أما جاره محمد صالح فقد أشار إلى أن غرامه بالنحل بدأ عندما نقل خليتين من النحل من المقبرة المجاورة إلى سطح منزله، وزاد من نجاح تجربته وجود أشجار داخل المدينة التي ينحدر منها، وقراءته للكتب الخاصة بتربية النحل حتى أصبح لديه 130 خلية نحل (130 صندوقا)، ويتنقل محمد صالح بنحله من وإلى عدة جهات كاشفا عن طعام جديد للنحل وهو السويق، الحمص والحبة السوداء المسحوقة، «فكل ما له رائحة طيبة يجلب النحل ويأكل منه، بما في ذلك زهور الفول أو اللوز أو الطماطم». ويبلغ سعر الخلية الواحدة 120 دينارا تونسيا، بينما يبيع كيلو العسل بعشرين دينارا. ويشارك في معارض بيع العسل في كل من سوسة والمنستير وغيرها، فـ«العسل أصبح مطلوبا».

((نقلاً عن موقع نحلة www.na7la.com بإدارة الدكتور طارق مردود))
نقلاً عن جريدة الشرق الأوسط الإلكترونية
مسموح النقل من الموقع شريطة ذكر الموقع والمؤلف www.na7la.com 2007-2012