موقع نحلة للنحالين العرب موقع نحلة للنحالين العرب موقع نحلة للنحالين العرب
الصفحة الرئيسية   المقالات   التصاميم   الصور   الأخبار
قـيـــل في الـنــحــــل ما يرد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، اكتب رأيك!

العسل في القرآن والسنة
د. ميران خليل رخا

mirankhalil@hotmail.com


عسل النحل في القرآن الكريم:

قال تعالى في كتابه العزيز:﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾-”سورة النحل (من الآية 68-69)“.

لقد كرم الله سبحانه وتعالى النحل في كتابه الكريم أيَّما تكريم، وبلغ هذا التكريم منتهاه حين خصص الله عز وجل سورة من سور القرآن الكريم عُرفت باسم سورة النحل.وقارئ سورة النحل يجدها تبسط للعقل والقلب معاً أنواراً باهرة من المعرفة والحكمة الإلهية.ففي كل أية من آياتها دليل واضح على نعمة وأخرى من نعم الله التي لا تُعد ولا تحصى.

وإذا تفكرنا في هذه الآيات الكريمة فسنجد أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل هناك فائدة من الترتيب في أن الله عز و جل أمر النحل ببناء بيوتها أولاً في الجبال ثم الشجر ثم العرائش التي يصنعها الناس؟ وبطريقةٍ أخرى ماذا يوحي لنا هذا الترتيب وعلى ماذا يدل؟ فلابد أن يكون لكل حرف من حروف القرآن الكريم حكمة ومعنى، ولترتيب الأحرف والآيات معاني وحكم، علمناها أو لم نعلمها.

و عموماً عملية ترتيب اتخاذ بيوت النحل هي حكمة ربانية كبيرة.لذا فإني أحاول مجتهدة أن أتفهم معكم الحكمة من هذا الترتيب القرآني لهذه الأماكن التي يسكنها النحل.فأقول وبالله التوفيق:قدَّم الله عز و جل الجبال على الشجر، والشجر على البيوت التي يصنعها الناس للنحل، للتنبيه على تفاوت درجات العسل الذي يخرج منها باختلاف سكنها.

فأفضل أنواع العسل: العسل الجبلي، ثم عسل المزارع الطبيعية البعيدة عن تواجد الناس، ثم عسل النحل المربَّي في أماكن أعدت له، حيث قد لا يتوفر له الغذاء في كل أوقات السنة، نظراً لكثرته بسبب التربية، مما يضطر أصحاب النحل إلى وضع السكر والغذاء للنحل، فلا يكون عسله حينئذٍ في درجة العسل المتولِّد من الأزهار والثمار، وقد ثبت ذلك علمياً.وللتنبيه أيضاً على قدرة الله تعالى على تذليل الطرق والصعاب لهذه الحشرة الضعيفة، فإنها تعيش في الجبال الأصعب مناخاً، كما تعيش في وسط الأشجار، وفيما يُعد لها من المساكن الخاصة بها، أو في البيوت التي تتخذها وسط بيوت الناس.وقد تكون هناك حكماً أخرى، الله يعلمها وسيكشف العلم لنا ما في القرآن الكريم من أسرار.

وقال تعالى واصفاً ما أعدَّه لعباده المتقين في جنة الخلد:﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفي وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ -”سورة محمد (الآية 15)“.

أي صفة الجنة التي وعد الله بها عباده الأبرار وأعدَّها للمتقين الأخيار أن فيها أنهار جاريات من ماءٍ غير متغير الرائحة، وأنهار جاريات من حليبٍ في غاية البياض والحلاوة والدسامة لم يحمض بطول المقام ولم يفسد كما تفسد ألبان الدنيا، وأنهار جاريات من خمرٍ لذيذة الطعم يلتذّ بها الشاربون لأن الخمر كريهة الطعم في الدنيا لا يلتذ بها إِلاَّ فاسد المزاج وأما خمر الجنة فهي طيبة الطعم والرائحة يشربها أهل الجنة لمجرد الالتذاذ، وأنهار جاريات من عسل في غاية الصفاء وحسن اللون والريح لم يخالطه الشمع أو حبوب اللقاح أو فضلات النحل، ولهم في الجنة أنواعٌ متعددة من جميع أصناف الفواكه والثمار و في ذكر الثمرات بعد المشروب إشارة إِلى أنَّ مأكول أهل الجنة للَّذَّة لا للحاجة، ولهم فوق ذلك النعيم الحسن نعيمٌ روحي وهو المغفرة من الله مع الرحمة والرضوان، وفي الجنة تُرفع عنهم التكاليف فيما يأكلونه ويشربونه بخلاف الدنيا فإِن مأكولها ومشروبها يترتب عليه الحساب والعقاب ونعيم الآخرة لا حساب عليه ولا عقاب فيه.

وفي حقيقة الأمر إذا نظرنا إلى الآية الكريمة بمنظور أكثر عمقاً وحاولنا معاً أن نتفهم ما تشير إليه الآية الكريمة من معاني ضمنية، فسنجد المكانة الرفيعة لعسل النحل تتجلى في أروع صورها.حيث نجد أن حصر أنهار الجنة في الماء واللبن والخمر والعسل إنما يدل بشكلٍ مباشر على المنزلة السامية لعسل النحل.فإذا نظرنا إلى أهمية الماء، فسنجد أنه كما قال ربُ العزة جل شأنه في سورة الأنبياء: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾، أي أن الماء هو سر الحياة على الأرض.

وكذلك إذا نظرنا إلى أهمية اللبن، فسنجد أن الله تبارك وتعالى جعله أول طعام يتغذَّى عليه بنى البشر في الحياة الدنيا، ولقد أثبت العلم الحديث أن اللبن هو الوحيد من بين الأغذية الذي يحتوي فعلاً على جميع العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها جسم الإنسان، ومن ثمَّ يمكن أن يعتمد عليه الطفل اعتمادا كلياً لمدة عامين كاملين.

أما بالنسبة للخمر، فيجب أن نقف أولاً عند الفرق الكبير بين خمر الدنيا وخمر الجنة، حيث أن المنافع التي في خمر الدنيا كما يزعُم شاربوها هي ما يجدونه من اللذة عند شربها وحصول النشوة، وهي منافع قليلة بالقياس إلى المضار الكبيرة من ذهاب الدين والعقل والخصومات والعداوات والصحة والمال.بينما جعل الله عز وجل خمر الجنة جزاءً للمتقين الذين امتثلوا لأوامره في الدنيا و حرَّموا خمر الدنيا على أنفسهم، فقيَّدها الله تعالى في الجنة بأنها لذة للشاربين.

أما بالنسبة للعسل، فهو معروف بقيمته الغذائية العالية وفوائده الوقائية والعلاجية لكثير من الأمراض، والذي يكفيه من الفخر أن وصفه ربُ العزة في قرآنه العظيم بأنه:﴿ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ﴾.

وبذلك تكون أنهار الجنة قد جمعت بين الماء الذي هو سر الحياة و من ثمَّ الخلود في الجنة بإذن الله، واللبن كوجبة غذائية متوازنة و متكاملة العناصر الغذائية، والخمر بما فيه من لذة للشاربين كأحد دلالات النعيم المقيم في الجنة، والعسل كوقاية وحماية من الأمراض و من ثمَّ لا سقيم ولا عليل في جنة الخلد، والله سبحانه وتعالى أعلم.

عسل النحل في السنة النبوية:

وردت في السنة النبوية الشريفة عدة أحاديث تذكر فوائد العسل وتحدد أهميته في العلاج :
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« عليكم بالشفاءين: القرآن والعسل » رواه ابن ماجة والحاكم في صحيحه.

وعنه صلى الله عليه وسلم قال:« تداووا بالقرﺁن والعسل ».

وقال صلى الله عليه وآله وسلم:« من أراد الحفظ، فليأكل العسل».
وعن الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« إنَّ الله عز وجل جعل البركة في العسل، وفيه شفاء من الأوجاع، وقد بارك عليه سبعون نبياً».
وعن الفردوس، عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من شرب العسل، في كل شهر مرة، يريد ما جاء به القرآن، عوفي من سبع وسبعين داء».
وقد جاء في سنن ابن ماجه مرفوعاً من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه:« من لعق العسل ثلاث غدوات من كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء».

وقال صلى الله عليه وسلم:« نعم الشراب العسل، يرعى القلب، ويُذهب برد الصدر».
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم، قال:« العسل شفاء، يطرد الريح والحمَّى».

وعن أبي سعيد الخدري عليه السلام قال:جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: « إن أخي استطلق بطنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:اسقه عسلاً، فسقاه ثم جاءه فقال:إني سقيته عسلاً فلم يزده إلا استطلاقاً، فقال:ثلاث مرات، ثم جاء الرابعة.فقال:اسقه عسلاً.فقال:لقد سقيته عسلاً فلم يزده إلا استطلاقاً.فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسل فسقاه فبرئ» رواه البخاري و مسلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« الشفاء في ثلاثة، شربة عسل وشرطة محجم وكية بنار وأنا أنهي أمتي عن الكي» رواه البخاري.
وعن جابر بن عبد الله عليه السلام قال:سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:« إن كان في شيء من أدويتكم من خير ففي شربة عسل أو شرطة محجم أو لذعة بنار توافق الداء، وما أحب أن أكتوي».

وفي شعب البيهقي عن مجاهد قال:صاحبت عمر بن الخطاب رضي الله عنه من مكة إلى المدينة، فما سمعته يُحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث:« إن مثل المؤمن كمثل النحلة، إن صاحبته نفعك، وإن شاورته نفعك، وإن جالسته نفعك، وكل شأنه منافع، وكذلك النحلة كل شأنها منافع».

وعن أبي رزين العقيلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:« مثل المؤمن مثل النحلة، لا تأكل إلا طيباً، ولا تضع إلا طيب».
وعن عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:« والذي نفسي بيده إن مثل المؤمن كمثل النحلة، أكلت طيباً، ووضعت طيباً، ووقعت فلم تكسر ولم تفسد».
وروى الإمام أحمد وابن أبي شيبة والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« المؤمن كالنحلة، وقعت فأكلت طيباً، ثم سقطت ولم تكسر ولم تفسد».
وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« مثل المؤمن مثل النحلة، إن أكلت أكلت طيبا، وإن وضعت وضعت طيباً، وإن وقعت على عود نخر لم تكسره».

وروى مسلم في صحيحه أن عائشة رضي الله عنها قالت:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الحلواء والعسل.

د. ميران خليل رخا

جميع الحقوق محفوظة لموقع نـحـلــة © www.na7la.com      2007-2009