نحلة العسل السورية
Apis mellifera syriaca (Buttel-Reepen 1906)
نحلة العسل السورية، سلالة نحل منشؤها بلاد الشام، وحتماً كان يتوغل انتشارها في بلدان محيط بلاد الشام كافة وفي الجزيرة العربية والعراق وتركيا، لكن إلى أي مدى فهذا ما لم يعرف سابقا، ويصعب الآن تحديده للأسف بسبب إدخال سلالات نحل غربية بشكل مكثف إلى كل هذه البلاد. وأيضا وجود نحلات محلية أخرى في بلدان الجوار.
Syrian Honeybee النحلة السورية هي سلالة متأقلمة مع ظروف البيئة في موطنها الأصلي؛ أقطار بلاد الشام، ومما يؤسف له أن الدراسات قليلاً ما تناولت هذه السلالة المحلية، فلقد سجل Ruttner سابقاً بعض صفاتها ثم إدريس عام 1973، ويعقوب2002 وفتيح وعمران وحاطوم ثم البراقي (1996، 2004 ) الذي دون من صفاتها القياسية طول اللسان 6.23 ± 0.12 مم، طول الأوبار على ترجة الحلقة البطنية الخامسة 0.14 ± 0.03 مم، عرض الشريط الوبري على ترجة الحلقة البطنية الرابعة 0.736 ± 0.06 مم، عدد الخطاطيف على الجناح الخلفي الأيمن 22.1 ±1.33 وعلى الجناح الخلفي الأيسر 22.2 ±1.47، كما أن صفة اللون على ترجة الحلقة البطنية الثانية فقد كانت 1.67 ± 0.12 مم وعلى ترجة الحلقة البطنية الثالثة 1.14±0.16، أما الدليل الزندي فقد كان 2.17 ±0.374. وغيرها من القياسات.
ووصفت النحلة السورية بأنها نحلة ذات بريق وتلألؤ ذهبي غاية في الروعة. ومن صفاتها السلوكية والإنتاجية(البراقي، 1999) نحلة متأقلمة مع ظروف البيئة التي نشأت فيها، جمّاعة للعسل، جماعة للبروبوليس، شغالاتها نشيطة، شديدة الحساسية تجاه الأعداء والدخلاء، مدافعة عنيدة عن مسكنها، مقاومتها عالية للأمراض ويؤخذ عليها زيادة شراستها في بعض ظروف شح المرعى وفي بعض ظروف سوء تعامل النحال.
وإن وضع خطوط عريضة لسلالة نحل كالنحلة السورية من الصعوبة بمكان وبخاصة أن البلدان التي تنتشر فيها كثيرة، ولاحظنا تبايناً في نتائج الدراسات والقياسات ويعود ذلك لاختلاف الظروف المحيطة وتعدد البيئات مما يؤثر في تعدد الأنماط البيئية لتلك السلالة. وأخيراً قد درس( 2013 (Alburaki and al) بعض الصفات الوراثية لهذه النحلة على عينات من بلدان ثلاثة تعيش فيها هي سورية ولبنان والعراق، وصحح منشأءها وخطها التطوري وتبعيتها بالأصل للسلالات الأفريقية وليست الشرقية، كما تمت دراسات أخرى عليها في الأردن.
النحلة السورية هي نحلة من سلالات النحل الصفراء جملية المنظر، تتصف برشاقتها وحيويتها العالية، وتتصف بأنها تدافع عن مسكنها بقوة، ولا تمكن أعدائها الحيويين من سرقة عسلها أو حتى من الدخول إلى بيتها.
تناولت العديد من الأبحاث النحلة في سورية، ومنها دراسات للباحث السوري محمد البراقي بعنوان: دراسة جزيئية على التنوع الحيوي والوراثي لسلالة نحل العسل السورية. أجريت في فرنسا بجامعة باريس السادسة، خلال التحصيل لدرجة الدكتوراه. وكان هدف هذه الدراسة، إجراء عملية مسح وتقييم للواقع الحالي للقاعدة الوراثية للنحل الموجودة لدينا في سورية، ومعرفة فيما إذا كان النحل السوري قد تدهور وراثياً، كما نسعى من خلال هذه الدراسة إلى إنشاء محميات وراثية لسلالة النحل السوري، أي المحافظة على أصل وراثي موجود في بلدنا، وتوثيقه خوفاً عليه من السرقة في عصر انتشرت فيه القرصنة البيولوجية وسرقة الأصول الوراثية.
وفي لقاء صحفي قال الدكتور محمد البراقي:" تتنوع سلالات نحل العسل في العالم لتصل إلى 32 سلالة، وسلالة النحل السورية إحداها، وإن كان من الصعوبة بمكان أن نقول أن سلالة بعينها هي الأفضل، إلا أن ما لاشك فيه أن كل سلالة تتفوق في بيئة انتشارها. لأنها تكون الأكثر تأقلماً مع الظروف البيئية المحلية، والأكثر قدرة على مقاومة الأمراض، والتصدي للمفترسات المنتشرة في المنطقة، وسلالة النحلة السورية هي المنتشرة في كل أراضي سورية الطبيعية (ولنقل بلاد الشام). وهي نحلة متميزة جداً، الأمر الذي دفعني لدراستها".
وخلافاً لما يشاع عن سلالة النحل السوري بأنها من سلالات النحل الشرسة، وضح الباحث البراقي مفهوم الشراسة الذي لا يحبذ أن توصف به سلالة النحل السوري مفسراً ذلك بقوله: «الشراسة مفهوم نسبي، كما أن الحكم على سلالة ما بأنها شرسة يعني أن نحل هذه السلالة قد يلسع الإنسان حتى لو لم يقدم هذا الأخير على إيذاء الخلية، كـ "النحل الإفريقي" مثلاً، الذي يطاردك لمئات الأمتار بعد ابتعادك عن مسكنه، أما النحل السوري فلا يمكن اعتباره – بهذا المعنى – نحلاً شرساً إنما مدافع جيد عن مسكنه، فهو يقوم بالطيران حول خليته ولا يلسع إلا عند الاقتراب من المسكن أو العبث به.
وأنا أرى أن يسميه البعض شراسة عند النحل السوري هو صفة تكيُّفية مع البيئة التي يعيش فيها، ويوضح ذلك بقوله: «إن الظروف
البيئية التي تعيش فيها النحلة السورية لا يمكن لنحلة أخرى أن تعيش فيها، فهي ظروف صحراوية، ظروف جفاف وحرارة عالية، فعموماً هي أفضل سلالة يمكنها التأقلم هنا، وقد بينت التجربة أن خلية النحل الإيطالي- وهي سلالة نحل عسل معروفة بهدوئها الشديد- يمكن أن يتحول سلوكها لشرس عند تعرضها لظروف قاسية أو جوع ونقص في المرعى، فمثلاً نحن في منحلنا في "كلية الزراعة بدمشق" والذي يحوي نحلاً سورياً، نقوم بفحص الخلايا دون كفوف أو قناع واقي، في وقت توافر المرعى والطقس المعتدل، ولا نتعرض للسع، لذا نسعى جاهدين لتغيير هذه السمعة المنتشرة في العالم».
على الرغم من أن صفة هدوء سلالة النحل صفة مرغوبة لدى النحالين، لأنها تسهل عملية جمع العسل من الخلية، إلا أن لمقدرة سلالة النحل السوري في الدفاع عن مسكنها قيمة اقتصادية أيضاً، حدثنا عنها "البراقي" بقوله: «مفترسات النحل من العوامل التي تسبب انخفاض إنتاجية الخلية من العسل والمنتجات الأخرى، ومن أهم هذه المفترسات الدبور الشرقي المنتشر في منطقتنا بكثرة، ولا تستطيع أي نحلة سوى النحلة السورية أن تقاومه، وقد رأينا بالتجريب كيف عجز النحل الإيطالي عن مقاومة الدبور الشرقي الذي يدخل مسكنها ويسرق العسل ويعيث فساداً في الخلية حتى كاد يقضي عليها».
تبين نتيجة الأبحاث المتتالية في مناطق مختلفة من سورية أن سلالة النحل السوري هي السائدة، يقول البراقي:«قمنا باختبار على المستوى الجزيئي والوراثي تبين أن النحلة السورية تغطي تماماً سورية الطبيعية، لكن هناك بعض الإدخالات لملكات أجنبية إلى سورية، ومن خلال التحليل وجدنا بعض بؤر من السلالات الأجنبية لكن بكميات قليلة جداً، أما السيادة النهائية على الأراض السورية فهي للنحلة السورية وبنسبة تصل إلى 85-90%.
الدكتور علي البراقي أستاذ النحل في "كلية الزراعة – قسم وقاية النبات – جامعة دمشق، تحدث على أن النحلة السورية ثروة وطنية ثمينة يجب أن نحافظ عليها ولهذا قمنا بعديد من البحوث حولها ونتوجه في بحوثنا الحديثة والمتقدمة في دراستها وراثيا وسلوكياً، وهي نحلة متأقلمة والنحل يتأقلم مع الظروف الجوية ويتفاعل معها ومع المراعي التي يوجد في بيئتها، ومراعي نحلنا في سورية عديدة ومتنوعة مثل: "اليانسون، الحمضيات، عباد الشمس، القطن، الحبة السوداء، السمسم، البرسيم، اللوز، النباتات البرية الكثيرة(الحلاب، أشواك.... ".
الجدير بالذكر أن السيد محمد البراقي يقوم بـدراسة التنوع الحيوي والوراثي لسلالة نحل العسل السوري باستخدام طرق جزيئية كرسالة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة باريس السادسة في فرنسا، وقد تخرج المهندس محمد البراقي عام /2005/ في كلية الزراعة- قسم وقاية النبات- جامعة دمشق، وهو باحث في هيئة التقانة الحيوية التابعة لـوزارة التعليم العالي، نال الماجستير من جامعة باريس السادسة في فرنسا. وبعد عام 2012 تابع البحوث في جامعات كندية وأميركية وفي مراكز بحثية على النحل، قام بدراسات جزيئية في وراثة النحل وتأثير المبيدات في جينات النحل، وتاثيرها على منتجات الخلية في كندا وأميركا، وهو الآن يعمل في مختبر البيولوجيا الجزيئية التابع لجامعة في ولاية ميسيسيبي.
من كتاب: موسوعة تربية النحل في العالم(د. علي خالد البراقي)، فصل سلالات نحل العسل.
ومن لقاء صحفي مع موقع Syria .
تاريخ النشر 1 - 2 - 2018
|
مسموح النقل من الموقع شريطة ذكر الموقع والمؤلف * www.na7la.com * منذ عام 2007
|
|