موقع نحلة للنحالين العرب موقع نحلة للنحالين العرب موقع نحلة للنحالين العرب
   الصفحة الرئيسية           المـقـالات           الأخـبــار           الــصـــور           منتدى النحالين العرب   
 
أساسيات تربية النحل أرسل لنا مقالاً أو خبراً
أو صورة لنشرها
الاتجاه الكمي لاستيراد نحل العسل
وانعكاسه على النحل المحلى والتنوع الحيوي في السودان

عبدالرحمن حامد عبدالرحمن وعبدالله عبدالرحيم ساتي

معهد أبحاث البيئة والموارد الطبيعية، المركز القومي للبحوث

الخرطوم / السودان

 

بدأ إدخال نحل العسل من الخارج للسودان لأول مرة خلال العقدين الآخرين من القرن الماضي، وذلك إما لغرض الدراسة أو التلقيح أو إنتاج العسل. لكن مع نهاية القرن نشطت بعض الشركات التجارية في استيراد كميات كبيرة بهدف إنتاج وتصدير العسل ومنتجات النحل. وهكذا تزايدت وتيرة الاستيراد عاماً بعد عام مع انضمام شركات أخرى للإنتاج. تعكس هذه الورقة مسار الاستيراد خلال الثلاثة عقود الأخيرة وتوضح أنواع  النحل المستورد وحجم الشركات المنتجة ومقارنة كمية الوارد خلال هذه الفترة مع وضع النحل الصغير الوافد في الاعتبار، وانعكاس ذلك على التنوع الحيوي والنحل السوداني بصفة خاصة. تشير الدراسة  إلي ارتفاع تدريجي في متوسط كمية الوارد السنوي من اقل من ربع طن إلى اقل من اثنين طن ثم إلى أكثر من خمسة طن خلال العقود الثلاثة على التوالي، بينما بلغت قمة الوارد 12 طن في العام 2007م. لقد أكدت بعض الدراسات البحثية والفحوصات المحجرية على دخول بعض الأمراض والآفات الخطيرة لأول مرة خلال هذه الفترة مع النحل المستورد، مثل حلم الفاروا ومرض السراتيا وخنفساء الخلية الصغرى. كما ركزت الورقة أيضا على مدى انتشار هذه الآفات والأمراض في السودان، كواحدة من أهم الانعكاسات البيئية لهذا النهج، مما يشير لأهمية التربية المحلية.

المقدمة:

يقع السودان بين خطى عرض 3 و22 شمالاً وخطى طول 22 و38 شرقاً، في الجزء الشمالي الشرقي للقارة الأفريقية وله حدود مع تسعة دول ويفصله البحر الأحمر عن شبه الجزيرة العربية. تتميز بيئة السودان الشمالي بالجفاف حيث تمتد مابين الصحراء وشبه الصحراء، تليها السافنا الفقيرة. أما الجزء الجنوبي من القطر، فيتميز بالسافنا الغنية وبعض البيئات الجبلية ثم البيئات المدارية الكثيفة، وتزداد كثافة الغطاء النباتي الطبيعي كلما اتجهنا جنوباً. بجانب هذا توجد بالقطر اكبر مشاريع زراعية بإفريقيا تزرع بمحاصيل القطن والذرة والفول السوداني والقمح وزهرة الشمس والبرسيم والموالح والمانجو والجوافة والخضروات بأنواعها المختلفة. تتواجد بهذه البيئات المتباينة تنوع حيوي كبير من حيث الغطاء النباتي والحيوانات البرية. ونتيجة لهذا التنوع الفريد في البيئات تم تسجيل حوالي 216 نوعاً من الثديات وحوالى938 نوعاً من الطيور و106 نوعاً من الأسماك و90 نوع من الثعابين (عبداللطيف، 1999) بالإضافة لكثير من أنواع الحشرات ومن ضمنها النحل.

يعتقد إن هنالك حوالي ثلاثة سلالات محلية من النحل موجودة في السودان وهى المجموعة ذات القياسات الصغرىApis mellfera ymentica Ruttner والمجموعة متوسطة القياسات ِِِApis mellefra sudanensis Rashid والمجموعة ذات القياسات الكبرى والتي سماها موقاِ Apis mellefra bandassi ((Ruttner and Kauhausen, 1985, and Abdalla, 1996. وفى خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي تم تقدير عدد الخلايا البرية المتواجدة بحوالى 200000 خلية تنتج في المتوسط 1200 طن متري في العام (Abdalla, 1988, Elsarrag et al., 1988). لم تنتشر تربية النحل بسبب شراسة النحل السوداني وشدة دفاعه عن خلاياه خلال الفحص مما دعا بعض الجهات وكثير من النحالين إلى إدخال طرود أو ملكات من سلالات النحل العالمية ذات الصفات السلوكية الممتازة (المنظمة العربية، 1996).

يعتبر عام 1961م هو بداية إدخال الخلايا الحديثة للسودان حيث أدخلت خلية لانجستروث العالمية، ثم تربية النحل السوداني في الخلية الحديثة بمنطقة أبونعامة. تلي ذلك استيراد 10 ملكات إيطالية وكرنيولية إلى منحل كلية الزراعة-جامعة الخرطوم بغرض الدراسة، وفى عام 1980م استوردت 100 خلية نحل كرنيولى من مصر إلى بساتين الإقليم الشمالي من أجل الاستفادة منها في تلقيح المحاصيل الحقلية والبستانية (Abdalla, 1996). بعد ذلك زادت وتيرة استيراد نحل العسل عام بعد عام بواسطة العديد من الشركات المستثمرة في هذا المجال. لقد صاحبت هذه الفترة ظهور بعض الآفات والأمراض الخطيرة للنحل، كما برزت بعض المخاوف من مدي تأثير النحل الوافد علي النحل المحلي والتنوع الحيوي في السودان. هدفت هذه الورقة إلي توضيح حجم استيراد النحل خلال العقود الأخيرة والآثار الناجمة أو المتوقع حدوثها من خلال النحل الوافد سواء كان في مجال إدخال آفات وأمراض جديدة أو التأثير علي التنوع الحيوي بصفة عامة.  

المواد وطرق البحث

 جمعت المعلومات الخاصة بكميات النحل المستورد للسودان من التقارير (شهرية، ربع سنوية وسنوية) الخاصة بإدارة الحجر الزراعي بمطار الخرطوم، التي تغطي الفترة من 1998 إلي 2007م. بالإضافة لكميات النحل الوارد اشتملت هذه التقارير علي نتائج فحص الآفات والأمراض التي تصيب النحل. وقد دعمت هذه المعلومات بما تم الحصول عليه من نتائج دراسات أخري خاصة بآفات وأمراض النحل في السودان. هذا بالإضافة لما تم جمعه من ملاحظات حقلية خاصة بسلوك الأنواع الوافدة من النحل والمراعي التي يزورها، وتوثيق بعض أنواع النباتات الجاذبة للنحل. وفي الختام تم تجهيز جداول لبيانات وارد النحل وبعض الآفات والأمراض الهامة.         

النتائج والمناقشة

بدأت عملية استيراد النحل للسودان في العام 1980م. وتشير التقارير إلى إن غالبية النحل الوارد هو الهجين الكرنيولى المصرى الذي يستورد من مصر وذلك لقرب المسافة وتحمل هذا النحل إلي حد ما للبيئة السودانية. كل كميات النحل المستورد تدخل عبر مطار الخرطوم وفقا لشروط استيراد النحل حيث لا تقبل الرسالة إلا في صورة نحل مرزوم، وخالي من الآفات والأمراض المحجرية والبيطرية، حيث ترفق مع الرسالة شهادة منشأ وشهادة صحية بيطرية. وبعد وصول الرسالة تتم الاجرآت المحجرية والتي يكون في نهايتها التصديق للمستورد بنقل النحل إلى مناطق الإنتاج، أو إبادة النحل في حال عدم استيفاء الشروط المحجرية (تقارير الحجر الزراعي، 1980 – 2007م) .

شكل (1). يوضح جذب أزهار شجرة الوافدة للنحل الصغير.

يوضح الجدول رقم (1) كميات نحل العسل المستوردة في السودان عبر مطار الخرطوم في العقود الثلاثة الأخيرة (1980-2007م). يلاحظ إن اقل كمية مستوردة كانت100 خلية في عام 1980م بواسطة وزارة الزراعة بالإقليم الشمالي وكان ذلك بغرض الدراسة حيث تمت تربيتها بمنحل جامعة الخرطوم, بالإضافة إلى تلقيح المحاصيل الحقلية والبستانية التي ينتجها الإقليم الشمالي. أما كميات النحل المستوردة من عام 1998-2007م كانت بواسطة الشركات الخاصة التجارية بغرض إنتاج العسل لتغطية الحاجة المحلية والتصدير. وكما يبين الجدول بصورة عامة إن معدل زيادة استيراد كميات النحل يزداد زيادة طردية مع الزمن، حتى وصلت إلي أعلى زيادة لها في عام 2007م إذ بلغت12 ألف كجم .

جدول (1). يوضح كميات النحل المستورد للسودان عبر مطار الخرطوم خلال الفترة 1980-2007م.

السنة

كميات النحل المستورد (كجم)

1980

100

1998

1999

2000

3595

432

1188

2001

2002

2003

2004

2005

2006

2007

551

7381

3804

700

-

800

12000

 

النحل المستورد وأثره على النحل المحلى والتنوع الحيوي:

بناءا علي ما ذكر أعلاه من استيراد هذه الكميات الكبيرة من النحل الأجنبي أصبحت هنالك شكوك حول مدي تأثير النحل المستورد على النحل المحلى والتنوع الحيوي في السودان. وفي هذا الخصوص يعتقد بأن النحل السوداني رغم شراسته يمتاز بكثير من الصفات الوراثية الحميدة مثل الخصوبة العالية والإنتاج الوافر للعسل بالإضافة لمقاومته للعديد من الآفات والأمراض (El-Niweiri et al., 2005). ومن خلال التلاقح الطبيعي مع النحل الوافد يمكن فقدان كثير من الصفات الوراثية السائدة في النحل المحلي مثل صفة المقاومة للآفات والأمراض. وأيضا من الانعكاسات الأخرى للنحل الوافد هو دخول آفات وأمراض جديدة لم تكن معروفة بالمنطقة، كما يوضح ذلك جدول (2) أدناه. ومن أخطر هذه الآفات والأمراض الوافدة خنفساء الخلية الصغرى التي انتشرت في مناطق عديدة مثل الجزيرة والنيل الأزرق ودار فور، ومرض الفاراوا ومرض السراتيا التي انتشرت بمناطق الخرطوم وغرب السودان وغيرها ويتوقع توسيع رقعة الانتشار مستقبلا. وهذه المعلومات تؤكدها تقارير الحجر الزراعي بمطار الخرطوم وبعض الدراسات التي أجريت مؤخرا علي آفات وأمراض النحل بالسودان (El-Niweiri et al., 2005, El-Niweiri and Satti, 2008). وبالرغم من الإجراءات المحجرية الدقيقة إلا أن استيراد هذا الكم الهائل من النحل في خلال فترات وجيزة  من العام (يونيو - أغسطس) قد أدي  إلي تسريب  هذه  الآفات

جدول (2). يوضح أهم آفات وأمراض النحل المحلية والوافدة في السودان.

الآفات والأمراض

محلية

وافدة

دودة الشمع الكبيرة

طيور الوروار

خنفساء الخلية الكبرى

خنفساء الخلية الصغرى

ديب النحل

+

+

+

 

+

 

 

 

+

+

حلم الفاراوا

مرض السراتيا

 

+

+

 

والأمراض الدخيلة، مما يشير إلي أهمية عملية التهجين والإكثار المحلي للنحل لتغطية الحاجة السنوية للشركات التجارية المنتجة، ومن ثم المحافظة علي موروث السلالات المحلية.

وبخصوص أثر النحل الوافد علي التنوع الحيوي لقد تبين من خلال المسوحات والدراسات المحلية إلي أن النحل، خاصة الوافد، يفضل بعض النباتات علي الأخرى في المرعي. تؤكد هذه النتيجة ما توصلت إليه بعض الدراسات العالمية بأن الأنواع الدخيلة عادة ما تنافس الأنواع المحلية تستأصل بعضها وتزيد من الأخرى وبالتالي تؤدي إلي الإخلال بالشبكة الغذائية والنظام البيئي بصورة عامة (Bright, 1995, and Krend and Murphy, 2003). وعلي سبيل المثال وجد بأن النحل الوافد إلي أمريكا يفضل أنواع النباتات الوافدة علي الأنواع المحلية مما يقود إلي تكاثر وانتشار النباتات الدخيلة (Krend and Murphy, 2003). وبناءا علي ما تقدم لقد لوحظ في السودان بأن النحل الوافد كمثال النحل الصغير (Apis florea) يفضل زيارة بعض النباتات بصورة كثيفة، ومن بين هذه النباتات شجرة المسكيت الوافدة (شكل 1). وتجدر الإشارة إلي أن شجرة المسكيت قد أصبحت اليوم آفة رئيسة يصعب مكافحتها في العديد من المناطق الزراعية بالقطر. وهكذا صار النحل الوافد من أهم العوامل التي تساعد في تكاثر وانتشار مثل هذه الآفات.  

 

التوصيات:

1.  ضرورة تربية وإكثار النحل محليا مع التهجين ببعض السلالات الأقل شراسة لتقليل الاعتماد الكلي علي الاستيراد وبالتالي المحافظة علي المكون الوراثي للنحل المحلي.

2.    ضرورة التوازن بين اقتصاديات النحل المستورد وتأثيره علي البيئة والتنوع الحيوي.

3.    إجراء مزيد من الدراسات عن أثر النحل الوافد علي النحل المحلي والبيئة.

4.    الاهتمام بالدراسات والبحوث الخاصة بالنحل.

 

المراجع:

المنظمة العربية للتنمية الزراعية (1997). مشروع إنتاج ملكات النحل المحسنة لتطوير إنتاج العسل. المنظمة العربية للتنمية الزراعية، الخرطوم .

محمد، عبد اللطيف محمد صالح (1999). دور المحميات الطبيعية في المحافظة على التنوع الأحيائى بجمهورية السودان .حلقة العمل القومية حول دور المحميات في المحافظة على التنوع الأحيائى ،المنظمة العربية للتنمية الزراعية،الخرطوم.ص238-248.

تقارير الحجر الزراعي (1980-2007م). الحجر الزراعي، وقاية النباتات-وزارة الزراعة. الخرطوم/ السودان.

ِ

Abdalla, A.M. (1988). A Comparative Study of Keeping Sudanese Honeybees in Different Locations in the Sudan. M.Sc. Thesis, University of Khartoum, Sudan.

Abdalla, A.M. (1996). Beekeeping in Sudan. Khartoum University Press, P. O. Box 321, Khartoum/ Sudan. 239 pp. (In Arabic)

Bright, C. (1995). Bio-invasions: the spread of exotic species. World Watch. July/Aug: 10 -18.

Buchmann, Stephen and Gary Nabhan, (1996). The Forgotten Pollinators, Washington D.C.: Island Press.

El-Niweiri, M.A.A.; El-Sarrag, M.S.A, and Satti, A.A. (2005). Detection, distribution and incidences of insect pests and predators of honeybees (Apis mellifera L.) in Sudan. Albuhuth, 9 (1): 104-122.

El-Niweiri, M.A.A, and Satti, A.A. (2008). Status quo of honeybee (Apis mellifera L.) pests and diseases in Sudan. Proceedings of The 23rd International Congress of Entomology, 6 – 12 July 2008, International Convention Centre, Durban/ South Africa.

Krend, K., and Murphy, C. (2003). The relationship of Apis mellifera with exotic and native plants in Boulder County, Colorado. American Journal of Undergraduate Research, 2 (2): 5 -12.

Ruttner, F., and Kauhausen, D. (1985). Honeybee of tropical Africa. Ecological diversification and isolation. Third International Conference Apic. Trop. Climate, Nairobi, Kenya, 1984: 45 -57.

 

مسموح النقل من الموقع شريطة ذكر الموقع والمؤلف www.na7la.com 2007-2012