((نقلاً عن موقع نحلة www.na7la.com بإدارة الدكتور طارق مردود))
تفسير جديد لهلاك خلايا النحل
حسام جميل مدانات
منذ عام 2004 بدأت خلايا النحل في أميركا وأوربا والصين تتعرض للكوارث والدمار، وفقدت خلايا عديدة جميع نحلاتها العاملات، دون أن يتضح سبب ذلك. منذ ذلك الحين أجريت دراسات متعمقة، ووضعت فرضيات عديدة لتفسير هذه الظاهرة الخطيرة. وهي تعتبر خطيرة ليس فقط بسبب القيمة الاقتصادية والغذائية للعسل الذي ينتجه النحل، وإنما لدور النحل الأساسي في تلقيح النباتات وزيادة المحاصيل الغذائية في العالم زيادة كبيرة. إذ أن ثلاثة أرباع محاصيلنا الغذائية تعتمد على النحل في تلقيحها. ونظرا لغموض أسباب هذه الظاهرة فقد أطلق عليها اسم علة انهيار خلايا النحل Colony Collapse Disorder، وقد أدت لهلاك نحو ثلث خلايا النحل في الولايات المتحدة. تجارب مخبرية جديدة نشر سدرك ألو، الباحث في المعهد الوطني للبحوث الزراعية ( أنرا ) في أفنيون، فرنسا مؤخرا، نتائج دراسات أجراها في المختبر على النحل، هو وزملاؤه، حيث عرض النحل لعدد من العوامل القاتلة التي أشارت لها أصابع الاتهام ودارت حولها الشكوك بأنها مسؤولة عن الكارثة الأخيرة. وقد جرت دراسة التأثير المشترك لعاملين معا، هما فطر متطفل يدعى نوزيما، والمبيد الحشري Emidaclopride، وهو مبيد واسع الاستخدام في الزراعة حاليا، وتبقى آثاره في حبوب اللقاح وفي العسل، وفي أجسام النحل أيضا. تبين للباحثين أنه إذا زاد تركيز المبيد زيادة كبيرة، فإن التأثير المشترك للمبيد والفطر يصبح أكبر من مجرد مجموع تأثير كل منهما لوحده، كما لو أن 1 + 1 = 3. وهو ما يسمى بالتأثير التداؤبي Synergic effect. ويعطي الباحث ألو التفسير التالي لهذا التأثير: أن الفطر المتطفل على النحلة يمتص غذاءه من جسمها، مما يضطرها لاستهلاك كمية أكبر من الطعام ورحيق الأزهار لتعويض هذا النقص. وبما أن هذا الرحيق ملوث بالمبيد السام، فإن النحلة تتعرض لجرعة مفرطة وقاتلة من المبيد. تأثير متراكم ومتبادل لعل ما هو أسوأ من ذلك أن اجتماع الفطر الطفيلي والمبيد السام يؤثر على قدرة النحلة على إنتاج إنزيم مختص له علاقة بمضاد حيوي تفرزه النحلة ليحفظ العسل، وهو غذاء اليرقات، ويحميه من التلوث البكتيري. وهذا يعني أن التأثير المشترك للفطر والمبيد يقتل النحل على المدى القصير، ويضعف الخلية على المدى البعيد لأنه يؤدي الى تلف غذاء يرقات النحل. ويثير هذا التأثير المتبادل في الذهن ما نلاحظه بشكل عام لدى الإنسان مثلا عند تعرضه لأكثر من عامل ممرض. فالشخص القوي والسليم الجسم يقاوم الفيروس المسبب للرشح مثلا، لكن الشخص سيء التغذية وضعيف الجسم يكون أكثر عرضة للإصابة به. وكذلك الأمر في حالة الشخص المصاب بالفيروس المسبب لمرض الايدز، فهو عادة يموت بسبب أمراض أخرى تصيبه نتيجة نقص المناعة لديه نتيجة لإصابته بهذا الفيروس. وقد اعتمد الاتحاد الأوربي مؤخرا مشروعا بحثيا لدراسة التأثير المشترك للعوامل التي يشك في تسببها في هلاك خلايا النحل. ولعل هذا الدعم يساهم في كشف سر هذه الكارثة الغامضة، والتي مضى عليها نحو ست سنوات دون أن تحظى بتفسير مقنع وواضح. عن مجلة العلم والحياة الفرنسية: Science et Vie نشرته جريدة الرأي الأردنية
|