هل يمكن أن يكون العسل فعالا في علاج ومنع عدوى الجروح
ترجمةالدكتور طـارق مـردود
وفقا لدراسة جديدة نشرت في علم الأحياء الدقيقة يمكن أن يساعد العسل الأبيض في القضاء على التهابات الجروح المزمنة وحتى منعها من التفاقم في المقام الأول. هذه النتائج تقدم دليلا إضافيا على الاستخدامات السريرية لعسل النحل لعلاج الالتهابات البكتيرية في مواجهة تنامي المقاومة للمضادات الحيوية.
البكتيريا العقدية المقيحة Streptococcus pyogenes هي نوع من بكتيريا الجلد الطبيعي الذي كثيرا ما ترتبط بالجروح المزمنة (non-healing). يمكن للبكتيريا التي تصيب الجروح أن تتجمع معا لتشكيل "الأغشية الحيوية"، والتي تشكل عائقا أمام العقاقير ويمكن أن تعزز عدوى مزمنة. وقد كشف باحثون في جامعة كارديف العاصمة أن العسل الأبيض لا يمكن أن يدمر تماما فقط الأغشية الحيوية للبكتريا المقيحة في المختبر، ولكن يمكنه أيضا منع البكتيريا من الالتصاق من البداية بمكونات نسيج الجرح. منذ فترة طويلة والعسل معترف بخصائصه المضادة للجراثيم. وقد استخدمت العلاجات التقليدية التي تحتوي على العسل في علاج موضعي للجروح من قبل الحضارات القديمة المختلفة. وجد العسل الابيض المشتق من رحيق يجمعه النحل من أزهار شجرة مانوكا اهتماماً متزايد في نيوزيلندا وأجزاء من أستراليا حيث توجد هذه الشجرة، ويتم تضمينها عند الحديث عن منتجات رعاية الجروح المرخص لها في جميع أنحاء العالم. حتى الآن تم الإبلاغ عن العسل الابيض لمنع أكثر من 80 نوعاً من البكتيريا، وحتى الآن لم تتضح الخصائص المضادة للميكروبات في العسل، وحتى الآن لم يتم استغلالها بالكامل من قبل الطب الحديث، كما أن آليات عملها غير مفهومة تماما. الجروح التي تصاب بالبكتريا العقدية المقيحة Streptococcus pyogenes غالبا ما تفشل في الاستجابة للعلاج. يرجع هذا الى حد كبير لتطور الأغشية الحيوية، والتي قد يكون من الصعب على المضادات الحيوية اختراقها بالإضافة إلى مشاكل المقاومة للمضادات الحيوية. وأظهرت نتائج الدراسة أن تركيزات صغيرة جدا من العسل منعت بداية تطور البيوفيلم وسهلت علاج الأغشية الحيوية التي نشأت ونمت في أطباق بتري مع العسل لمدة 2 ساعة بنسبة قتل تصل الى 85 بالمائة من البكتيريا داخلها. يعمل فريق كارديف من أجل تقديم تفسيرات جزيئية molecular explanations لعمل العسل كمضاد للبكتيريا. وفي أحدث دراسة تكشّف أن العسل قد يؤدي إلى تعطيل التفاعل بين البكتريا العقدية المقيحة Streptococcus pyogenes وفبرونيكتين البروتين البشري، والتي تظهر على سطح الخلايا التالفة. "جزيئات على سطح البكتيريا تلتصق بالفبرونيكتين البشري، مرسخة البكتيريا إلى الخلية، وهذا ما يسمح للعدوى بالمضي قدما وتطوير الأغشية الحيوية"، وأوضحت الدكتورة سارة مادّوكس Maddocks التي قادت الدراسة أنه " وجدنا أن العسل قد خفض التعبير عن هذه البروتينات السطحية البكتيرية، وقام بمنع الارتباط بفبرونيكتين الإنسان، مما جعل تشكيل بيوفيلم أقل احتمالا، وهذه آلية مجدية يقلل بها العسل الابيض من بدء التهابات الجروح الحادة ويمنع أيضا نشوء العدوى المزمنة". العمل الجاري في مختبر الدكتورة Maddocks "تحقق في غيرها من الجروح المصابة بالبكتيريا بما في ذلك الزائفة الزنجارية Pseudomonas aeruginosa والمكورات العنقودية الذهبية المقاومة للبنسلينات meticillin-resistant Staphylococcus aureus (MRSA).. كما ظهر أن العسل الابيض كان فعالاً في قتل هذه البكتيريا. وقالت: "هناك حاجة ملحة لإيجاد طرق مبتكرة وفعالة للسيطرة على عدوى الجروح التي من غير المرجح أن تساهم في زيادة مقاومة الجراثيم للأدوية. لا توجد حالات من البكتيريا المقاومة للعسل تم الإبلاغ عنها حتى الآن، أو يبدو من المحتمل أنها كذلك"، وقالت الدكتورة Maddocks: "تطبيق عوامل مضادة للجراثيم مباشرة على الجلد لإزالة البكتيريا من الجروح أرخص من المضادات الحيوية الجهازية ويمكن أن تكمل بشكل جيد العلاج بالمضادات الحيوية في المستقبل. وهذا أمر مهم لأن كلفة علاج الجروح المزمنة تصل إلى 4 بالمائة من نفقات الرعاية الصحية في العالم المتقدم".
|