تربية النحل وقطف العسل في الأمارات
جريدة الاتحاد الأماراتية
26 نوفمبر 2010
فتحية البلوشي
ينساب ذهبياً براقاً شهياً، عسل لذيذ تمتلئ به قناني مميزة، يتوسد أرفف المحال طوال العام، لكنه في الشتاء يحظى بأهمية خاصة، فهو موسم جني العسل وقطافه، ورغم أن العسل الطبيعي الأصلي لا يفسد أبدا، إلا أنه يكون « طازجاً» أكثر في مطلع الشتاء.
عسل طبيعي
في هذه الأيام من العام يهتم الإماراتيون بالحصول على العسل البري اللذيذ، خاصة العسل المحلي المقطوف من جبال رأس الخيمة أو جبال العين، وترى الخلايا الطازجة الجديدة تقطر عسلا في صواني مغطاة تنادي المشترين ليروها ويتذوقوها.
يعرض محمد اليماحي، أحد تجار العسل، على زبائنه علباً شفافة تحوي خلايا طرية جديدة من «قفير» نحل تم قصه بعناية مع أغصانه، يقول «يعتبر الشتاء فرصة جيدة للحصول على عسل طبيعي حقيقي، لأن معظم ما يعرض في السوق طوال العام هو عسل من إنتاج مزارع تربية العسل، وأصحاب هذه المزارع يخلطونه بالعسل الأصلي أو يضيفون له مواد التحلية التي يعتقد البعض أنه عسل طبيعي فيشتريه بأسعار باهظة».
يتابع «يعتقد الناس أن العسل بطعم واحد، لكن هذا الاعتقاد غير صحيح، فالعسل يختلف طعمه باختلاف المنطقة التي جمع منها واختلاف نوع الأزهار التي تغذى عليها النحل لصناعة العسل، ومن عجائب الله تعالى في العسل أن يختلف طعمه بشكل غريب حتى لو جمع من نفس الشجرة لكن من مكانين مختلفين، فمثلا عسل السدر اليمني يختلف بالطعم والحلاوة عن عسل السدر الإماراتي أو العماني، وذلك لاختلاف طبيعة الأرض في كل مكان عن الآخر».
جني العسل
عن عملية قطف العسل، يقول اليماحي «نخرج جماعات من الشباب وكبار السن في رحلات معروفة قبل الموسم للبحث عن خلايا النحل، وحيثما نجد قفير نحل جديدا يتكون نضع علامة، وعادة ما تكون العلامة ربط خيط بلون بارز ومكان ظاهر قرب القفير، وحسب العرف والعادات لا يمكن لشخص الاقتراب من قفير ربطت بجواره «شارة» لكن للأسف تغير الوضع اليوم وصار البعض من «الدخلاء» على مهنة قطف العسل لا يحترمون أعراف قاطف العسل ويعتدون على أي قفير يرونه». و«العسالون» هو جمع كلمة «العسال» التي تطلق على قاطفي العسل وبائعيه، يوضح اليماحي «يعود العسالون بين فترة وأخرى لتفقد الخلايا، فإذا حان قطافها وامتلأت، جاءوا جماعة محملين بعصي يلف على قمتها قماش ويغمس في البنزين ويشعل مع الحرص على ارتداء ملابس تغطي الجسم بأكمله وتغطية الوجه بالغترة، واليوم استبدل كثير من العسالين العصي ذات الشعلة بأجهزة الدخان الطارد للنحل لأنه أكثر فعالية وآمن للاستخدام».
ويحرص قاطفو العسل على إزالة أجزاء معينة من الخلية وترك باقي القفير للنحلات، في هذا الإطار، يبين اليماحي «نأخذ الجزء الذي يغطيه العسل، وعادة ما يكون الجزء العلوي، لكن الجهة السفلى أو غير مكتملة العسل من الخلية نعيد تعليقها مرة أخرى في الغصن كي يعود النحل إليها لبناء خلية جديدة».
عملية التصفية
بعد الحصول على الخلايا المليئة بالعسل يختار العسال ما بين بيعها مكتملة لمن يريد تصفيتها بنفسه، أو تصفيتها في البيت وتعبئتها في الزجاجات، وهي عملية سهلة، وفق اليماحي، ولا تحتاج إلى أكثر من مصفاة شبكية صغيرة الفتحات، وقدر مناسب الحجم، وقطعة قماش بيضاء نظيفة (تستعمل الغترة الرجالية عادة) توضع المصفاة فوق القدر وتقطع الخلية لقطع صغيرة ثم توضع في المصفاة، ويترك العسل ليقطر بعد تغطية المصفاة، وبعد مرور يوم يتم تغيير القدر وتوضع الخلايا هذه المرة في الشمس لتذيب العوائق الشمعية. ويوضح اليماحي «العسل الذي استخلص لأول مرة أكثر نفعا وجدوى من العسل الذي تعرضت خلاياه للشمس»، وأخيرا تصب كمية العسل في قدر ثالث يغطى بقطعة القماش مع تركها مرتخية بعض الشيء لداخل القدر ويصفي قليلا قليلا في القدر الثالث حتى يصبح صافيا نقيا وتعلق الشوائب بالغترة الرجالية، ثم يعبأ في القناني، مؤكدا أنه وبرغم أن العملية تبدو ظاهريا سهلة لكنها تحتاج إلى صبر طويل ومهارة.
ويتابع اليماحي «يحب البعض أن يشتري العسل بخلاياه ليتأكد من كونه بريا أصليا، كما أن هناك من يحب استخراج العسل بنفسه وتصفيته، وآخرون يهتمون بمضغ شمع العسل لكونه مفيد في حالات الحساسية الصدرية والتهابات الإنفلونزا، والبعض يستعمله لتغذية الأطفال.
أسعار العسل
يشير أحد تجار بيع العسل، محمد اليماحي، إلى أنه عادة ما يباع العسل ذو الخلية والغصن بسعر أعلى من العسل المصفى في السوق حيث يبدأ سعر العسل بخلاياه من 500 درهم، بينما تبدأ أسعار العسل المصفى من 250 درهماً، لافتا إلى أن قيمة العسل ترتفع وفق اختلاف مكان استخراجه ووزنه ودرجة صفائه.
نقلا عن جريدة الاتحاد الأماراتية
|