مؤسسة الخزن تزمع استيراد العسل من بلغاريا ومربو النحل يرفضون الفكرة
سيريانديز - هلال لالا
الأربعاء 2011-03-16
لماذا تتسابق العديد من الجهات وتحت مسمى خدمة المستهلك وتأمين متطلباته، تعمد إلى تغييب منتجاتنا المحلية المميزة وإبعادها عن مواطننا واستبدالها بمنتجات مستوردة أقل جودة بغض النظر عما إذا كانت مطابقة للمواصفات أم لا. واللافت أن مؤسسة الخزن والتسويق هي أكثر تلك الجهات توجهاً إلى ذلك. فمرة يتم استيراد لحوم الجاموس المجمدة ومرة أسماك مجمدة ومرة ثالثة لا بل آخر ما حرر هو توجه المؤسسة، لا بل عزمها على استيراد العسل الخام من بلغاريا لتقوم هي بتجهيزه وتعبئته وإكسابه صفة المنشأ الوطني وبيعه في السوق المحلية أو تصديره. وأمام هذه النية لابد من طرح جملة تساؤلات ليس أولها ما المقصود بالعسل الخام؟، وهل هناك ما يعرف بالعسل الخام؟، ثم تتتالى الأسئلة لنقف عند سؤال هام: كيف سيتم إكساب هذا المنتج البلغاري صفة المنشأ الوطني؟، هل عبر تعبئته ؟. ثم ألا يسيء ذلك إلى المصداقية وإلى المنتج الأصلي لدينا ونحن نمتلك عسلاً مميزاً!.
والأهم أنه لدينا وحسب منتجي النحل فائض إنتاج!، فلماذا لم تأخذ المبادرة على عاتقها العمل على إيجاد سوق تصريف للمنتج المحلي بدل أن تضخ المزيد من العسل في السوق المحلية وبالتالي تساهم في مزيد من الكساد لهذا المنتج الذي تعتاش منه العديد من الأسر السورية. ثم إذا كانت المؤسسة لديها سوق تصريف خارجية عبر الإشارة إلى إمكانية إعادة تصدير هذا العسل، وهنا أليس من الأولى التعاون مع المنتجين المحليين وفتح هذه الفرص أمامهم وبهذا تتحقق منفعة مزدوجة .
قبل الاسترسال في الحديث عن هذا التوجه وآثاره المحلية، لابد من التوقف قليلاً مع المعنيين في عملية إنتاج العسل والاطلاع على ردهم أو تقييمهم لهذه الخطوة وماذا كانت ستنعكس سلباً على عملهم؟. والمعروف أن العاملين في القطاع ليسوا فقط مربو النحل وإنما حلقة متكاملة من العاملين. فأي منتج له متممات أو بالأحرى مستلزمات إنتاج. وخلال استطلاعنا هذا استمزجنا آراء كل من لجنة مربي النحل في غرفة زراعة اللاذقية، وجمعية النحالين السوريين في نقابة المهندسين الزراعيين والجمعية التخصصية لمربي النحل في اتحاد الفلاحين، إضافة الى آراء مجموعة من مربي النحل في المحافظة. فقد ذكر كل من الدكتور خليل مكيس والدكتور عبد الله حاطوم أن استيراد النحل من الخارج سيؤدي الى فقدان العديد من مربي النحل فرصة عملهم في هذا المجال ودخلهم، وبالتالي سيؤدي ذلك الى زيادة عدد العاطلين عن العمل، وهذا ما يتنافى وسياسة الحكومة التي تسعى الى تأمين فرص عمل جديدة.
يذكر أنه يقدر عدد مربي النحل حسب المجموعة الإحصائية الصادرة عن وزارة الزراعة بحوالي عشرين ألف عامل في سورية. من جهة ثانية فإن استيراد العسل من الخارج سيؤدي ليس فقط إلى تراجع عدد مربي النحل وإنما أيضاً إلى تراجع في عدد طوائف النحل ونحل العسل تحديداً التي تعتبر مسؤولة وبشكل أساسي عن تلقيح المحاصيل الزراعية خصوصا البرية منها مثل الشمرا واليانسون وحبة البركة، وستتأثر هذه المحاصيل كماً ونوعاً. فالمعروف أن النحل يقوم بتلقيح الأزهار بنسبة 80% من نسبة الحشرات الملقحة الأخرى في الطبيعة وذلك وفقاً لدراسات علمية مثبتة.
هذا الأمر سينعكس حكماً على دخل المزارع، ولا تفوتنا الإشارة إلى الدور الذي يقوم به النحل في عملية المحافظة على التنوع الحيوي وأثر ذلك على البيئة والحفاظ على أصناف كثيرة من النباتات وبعض الحيوانات التي تتغذى عليها. من هنا تتضح أهمية تربية النحل كثروة قومية للحفاظ على ترابط سلسلة البيئية السورية وسلامتها.
بعد الحديث عن الآثار السلبية التي ستنجم عن استيراد العسل على مربي النحل وعدد طوائف النحل، لابد من الحديث عن شريحة أخرى من العاملين الذين ستتأثر أعمالهم سلباً بعملية الاستيراد هذه وهم العاملين على تصنيع مسلتزمات وأدوات هذه المهنة من مصنعي الخلايا إلى منتجي الألبسة الخاصة بالمربين إلى منتجي ومصنعي أو مستوردي العبوات، إضافة الى عدد من المحال التجارية التي تعتمد على تسويق هذه المستلزمات والأدوات التي يحتاجها قطاع تربية النحل في سورية. أما النقطة الأهم التي التقت عندها جميع الآراء فهي الحديث عن العملة الصعبة، وأن عملية الاستيراد تعني خسارة للعملة الصعبة في حين عملية الانتاج المحلي وتسويقه محلياً أو خارجياً تعني العكس: تؤدي إلى زيادة الدخل القومي .
الخلاصة أن جميع العاملين في قطاع تربية النحل أبدوا عدم رضاهم بخصوص فتح باب الاستيراد وابدوا استعدادهم لتأمين ما بين 50 إلى 100 طن من العسل سنوياً من إنتاج محافظة اللاذقية وحدها وبنوعية مميزة وضمن عبوات سعة 25 كغ للمؤسسة العامة للخزن والتسويق إن كانت ترغب بتسويق هذا المنتج. وقد عرضوا سعراً تسويقياً مرتبطاً بظروف الإنتاج يغطي تكلفة الإنتاج ويحقق هامش ربح مقبول لهم وللمؤسسة التسويقية.
وأضاف مربو النحل في اللاذقية مؤكدين ان المؤسسة العامة للخزن والتسويق لم تبادر الى الاتصال بالجمعيات واللجان المتخصصة بتربية نحل العسل وإنتاج العسل في سورية. وحاليا تنوي العمل على استيراد العسل من بلغاريا لتسويقه وإكسابه صفة المنتج الوطني السوري. وهذا العمل وحسب مربي النحل من شأنه الإساءة إلى مصداقية العسل السوري والإساءة إلى منتجي العسل المحلي حيث سيحمل هذا المنتج اسمهم أو سيباع على أنه من إنتاجهم وهذا غير صحيح.
ثم أليس من الأفضل، ولا يزال الحديث على لسان مربي النحل ومنتجي العسل، أليس من الأفضل أن تبادر المؤسسة إلى تسويق المنتج المحلي أولاً تنفيذاً للتوجه العام (إنتاج أو صنع في سورية). كما أنه لا يوجد تعليمات بالسماح لاستيراد مادة العسل إلا من الدول المشاركة بالاتفاقية التجارية العربية البينية وبلغاريا ليست منهم. ويختم مربو النحل حديثهم بالطلب إلى الجهات المعنية ضرورة شملهم بعملية الدعم الذي طال المزارعين وربما عندها سيتمكنون من تقديم المنتج بسعر أقل وبشكل يناسب أكبر شريحة من المستهلكين.
سيريانديز
|