ظاهرة فقدان النحل
في الساحل السوري
اللاذقية-سانا 8/7/2009
تقرير: سلوى سليمان
تعتبر تربية
النحل من أقدم المهن التي اعتمدها الإنسان منذ أقدم العصور وذلك لأهميتها بالنسبة
للبيئة حيث تقوم النحلة بعملية التلقيح عند النباتات والأشجار من جهة ولفوائد
منتجاته للإنسان من جهة أخرى كالعسل والشمع والغذاء الملكي وحبوب اللقاح والعكبر
وغيرها.
وتشكل
البيئة الساحلية إحدى أهم مناطق تواجد النحل في سورية لما تحتويه من خصائص طبيعية
كالمناخ المعتدل ومصادر الرحيق المتنوعة ما بين الساحل والجبل حيث أدى تنوع الغذاء
إلى تنوع خصائص حبوب الطلع والعسل وزيادة فوائدها.
وانتشرت
تربية النحل في محافظة اللاذقية وتزايدت طوائف النحل باستمرار خلال الأعوام الماضية
إلا أنها بدأت بالتراجع في العامين الأخيرين بسبب العديد من المشكلات الفنية
والبيئية والمناخية حيث أدى هذا التراجع إلى فقدان عدد كبير من الطوائف الأم مابين
30 إلى 60 في المائة.
وقال
الدكتور عبد الله حاطوم رئيس لجنة صحة النحل في الساحل إن طوائف النحل تعرضت في
بلدان كثيرة من العالم مثل أمريكا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا إلى الموت الغامض
والذي حير خبراء النحل عن السبب في ذلك وقد لاحظنا هذه الظاهرة في طوائف النحل في
اللاذقية بداية ربيع 2007 سواء في مناحل القطاع العام أو الخاص ولم نشاهد أعراضا
معينة تشير إلى وجود مرض وتجلت هذه الظاهرة في فقدان النحل من الطوائف ولا يبقى
فيها سوى الملكة وبضع شغالات وأحيانا قليل من العسل وحبوب الطلع وأحيانا بقعة صغيرة
من يرقات النحل وهذه الأعراض هي نفسها فى البلدان الأخرى.
وأوضح أن
هناك عدة فرضيات حول ظاهرة فقدان النحل منها النباتات المعدلة وراثيا مثل الذرة
والقطن ودوار الشمس أو زيادة استخدام أجهزة الهاتف النقال أو الظروف البيئية وسوء
إدارة المنحل والأمراض الفيروسية وغيرها كثير لكن لكل فرضية نقادها ويبقى السؤال
المحير ما هي أسباب الموت الغامض. وأضاف حاطوم أن الاحتمال الأكثر واقعية هو
الأمراض الفيروسية التي نقلها الفاروا ( قراد النحل) حيث قامت جمعية النحالين
السوريين فرع اللاذقية بإجراء استبيان في أعوام 2007 و 2008 و 2009 لمعرفة عدد
الطوائف الميتة فتبين أنها فقدت 60 في المائة عام 2007 و 48 في المائة عام 2008 و
38 في المائة عام 2009 ولوحظ أن الفقد كان كبيرا على الشريط الساحلي وقليلا عند
المناطق الهضبية مثل الحفة وأقل منه عند المناطق الجبلية وهذه الملاحظة منطقية بسبب
قرب المناحل من بعضها في الساحل.
وأشار إلى
أن النحالين الذين عندهم ملكات أجنبية كانت ظاهرة موت الطوائف أكثر وبشهادة هؤلاء
النحالين أنفسهم وكان الفقد أقل لدى النحالين المتابعين والذين لديهم خبرة
ويتفاعلون مع بقية النحالين الذين يتابعون الاجتماعات الدورية لجمعيات النحل في
اللاذقية.
وقال الدكتور حاطوم إن إنتاج المناحل في مناطق عين التينة وجبلة والحفة واللاذقية كان جيدا بسبب عسل أزهار الحمضيات واليانسون موضحا أن إدارة المنحل من أهم عوامل نجاحه بحيث يمكن للنحال أن يستفيد منه بشكل جيد فوجود ملكة فتية وإطارات شمعية جديدة ومكافحة الفاروا واختيار الموقع المناسب للمناحل وخاصة توفير المراعي والكشف الدوري على الطوائف فى كل الفصول من شأن هذه العوامل أن تأتي بثمار طيبة للنحال.
ودعا النحالين إلى ضرورة حضور الاجتماعات الدورية لجمعيات النحل فى مديرية الزراعة وغرفة الزراعة ونقابة المهندسين و اتحاد الفلاحين والانتساب لهذه الجمعيات والاستماع لما هو جديد وتقديم تساؤلاتهم أو ملاحظاتهم لما فيه فائدة للجميع كما دعا مربى النحل إلى تفادي الكثير من المشاكل بتغيير ملكات النحل كل سنة أو سنة ونصف وأن تكون خلايا النحل من الخشب الجيد والألوان الفاتحة وضرورة مكافحة الفاروا ( قراد النحل) بالمواد الطبيعية وحسب البرنامج الموضوع من قبل لجنة صحة النحل في وزارة الزراعة وتبديل الإطارات الشمعية القديمة ووضع المنحل في مراعي مناسبة ومتتالية قدر الإمكان وإجراء التعقيم للخلايا الفارغة والإطارات بالماء المغلي المضاف إليه المنظفات الحيوية أو التعقيم باللهب.
وأشار حاطوم إلى وجود لجنة علمية مؤلفة من اختصاصين في جامعات القطر وفي وزارة الزراعة تعمل حاليا على تأصيل النحل السوري وهذا العمل يتطلب وقتا وجهدا وتعاونا من جميع النحالين مع اللجنة لتأتي بنتائج جيدة وقريبة قدر الإمكان مؤكدا ضرورة تربية ملكات نحل سورية في كل منحل بحيث يختار النحال أفضل الطوائف من حيث الإنتاج ومقاومة الأمراض.
وفي سياق
معرفة إبعاد الجائحة التي أصابت النحل وأدت إلى فقدانه عبر محمود عبد الوهاب أحد
مربي النحل عن قلقه الكبير بسبب تراجع منحله وتدني إنتاجه ويقول إن الأسباب غامضة
ومن بينها دخول مربين جدد لا تتوافر لديهم الخبرة الجيدة في إدارة المناحل ودخول
سلالات جديدة ذات مواصفات رديئة أدت إلى إضعاف الخلايا وقتل كثير من النحل بدلا من
تقويته. وقال إن مهنة تربية النحل ليست على الهامش بل تتطلب من المربي الرغبة
والمعرفة والاجتهاد في العمل كي لا يتحول منحله إلى بؤر للأمراض وتنتشر في المنطقة
التي يعمل فيها.
أرسل الخبر
المهندس عبد الرحيم قصاب