الروبوتات تتسلّل إلى عالم الحشرات!
يكفي أن تُوجِّه الضوء سريعاً إلى عائلة الصراصير على أرض مطبخك كي تتفرّق فوراً... قبل أن تجتمع داخل الجدران مجدداً! لفهم طريقة عمل الصراصير (وحيوانات أخرى) كمجموعة، قرر الباحثون إرسال الروبوتات إليها لأنها قد تساهم في الكشف عن جوانب حياة تلك المجموعة. استعمل الباحثون روبوتات على شكل نحل لدراسة حركة الدوران النموذجية في خلايا نحل العسل مثلاً. ويحاول آخرون تحديد طريقة تسلل الروبوتات إلى مستعمرات الحيوانات والتأثير في سلوكياتها. يمكن أن تحمي الروبوتات النحل في فترة تلقيح الأزهار من العث، أو تخبر الخلية بآخر المستجدات عن توقعات الطقس عبر إطلاق الفيرمونات لتجنب ولادة صغار جدد حين يمنع الطقس السيئ البحث عن المؤن. حتى أن الروبوتات يمكن استعمالها لتشجيع مجموعات الحيوانات على القيام بنشاطات لا تفعلها في العادة: يمكن أن يخدع الصرصار الآلي الصراصير مثلاً كي تتجرأ على التجمّع تحت الضوء. لكن قد يكون تصرّف الروبوتات بطريقةٍ تضمن اختلاطها مع الحيوانات عملاً شائكاً. في دراسة سابقة، برمج خوسيه هالوي وزملاؤه في جامعة {باريس ديديرو} في فرنسا الصراصير الآلية يدوياً في معظمها. لكنها عملية صعبة ولا يمكن تعديلها بسهولة لاستعمالها مع أنواع أخرى من الحيوانات. لذا طوّر فريق هالوي الآن طريقة لبرمجة سلوك الروبوتات أوتوماتيكياً عبر استعمال خليط من مواصفات مرتبطة بعادات الصراصير، فجمعوا بين نماذج من الحركات الفردية والنشاط الجماعي، ثم استعملوا أنظمة حسابية تطورية لتفعيل تلك النماذج. السلوك هو الأهم! لن تكون برمجة الروبوتات لتتصرف مثل الحشرات الفردية أفضل طريقة، بحسب عضو الفريق نيكولاس بريديش من جامعة السوربون في باريس: {لا نعلم إذا كانت تلك التفاصيل الصغيرة قادرة على رصد السلوك العام للصراصير حين تجتمع}. اختبر الفريق سلوكياتها المفتعلة عبر محاكاة محوسبة، إذ اضطرت مجموعة مختلطة من 45 صرصاراً وخمسة روبوتات إلى التعاون في ما بينها لاتخاذ قرار جماعي والاختيار بين ملجأَين. كان افتعال سلوك شبيه بسلوك الحشرات أوتوماتيكياً أسرع بكثير من العملية اليدوية وقد أنتج سلوكاً قريباً من سلوكيات الحياة الواقعية. اكتشف الباحثون أن المجموعة المختلطة تصرّفت كمجموعة صراصير حقيقية، فتجمّعت على طول الجدران بطرائق واقعية مثلاً. يظن فريق البحث أن هذه المقاربة يمكن استعمالها لإنتاج سلوكيات شبيهة بتصرفات أجناس اجتماعية أخرى مثل نحل العسل وذباب الفاكهة والطيور والأسماك. يبقى السلوك أهم بكثير من الشكل، بحسب بريديش. يمكن أن تتقبّل السمكة الروبوت باعتباره سمكة أخرى إذا تصرّف مثلها، حتى لو كان شكله مختلفاً. كذلك، تكون السلوكيات الجماعية أهم من الأفعال الفردية. ما كان ضرورياً أن تتماشى حركات الصراصير الآلية ومساراتها مع تحركات الصراصير الحقيقية كي تختلط مع الجماعة. يقول تيري بايج من جامعة {فاندربيلت} في ناشفيل، تينيسي، إن استعمال الروبوتات التي تقلّد السلوكيات وتؤثر عليها، إلى جانب التقنيات التقليدية مثل الأصوات والفيرومونات، سيشكّل إضافة قيّمة إلى أدوات الباحثين.
الجريدة - 14 أبريل 2016
|