مراعي النحل في محافظة الرقة وترحال النحالين في سورية رئيس اللجنة الفرعية لجمعية النحالين السوريين بمحافظة الرقة
لا تتمتع محافظة الرقة بتنوع كبير في مواسم الإزهار نظراً لعدم وجود اختلاف كبير في الظروف المناخية داخل أراضي المحافظة. لكن وجود الري أدخل العديد من المحاصيل الزراعية ذات التنوع في مواعيد إزهارها وزراعتها، مما أغنى المراعي النحلية وأفسح مجالاً لاستمرار تواجد أزهار خلال السنة.
يعتمد توفر مرعى للنحل في موسم الربيع على كمية ومواعيد الأمطار المتساقطة. فقد أصبح معروفاً لدى نحالي المحافظة أنه إذا أمحلت السنة أمحل النحل أيضاً. حيث تعتبر المراعي الطبيعية - خاصة المبكرة – منشطة للنحل وباعثة على زيادة الحضنة وبالتالي زيادة النحل .
فترة الربـيــع
نباتات الربيع المبكرة هي غالباً نباتات عشبية تظهر بين الزراعات وعلى حواف السواقي والمساكب والطرقات, أهمها الفجيلة الصفراء Diplotaxis tenuifalia وكيس الراعي Capsella bursa pastoris والطرخشقون Taraxacum officinaleوالقراص Urtica dioica.
تعاني المحافظة من قلة البساتين. فالفلاح في المنطقة لا يفضل زراعة الأشجار المثمرة لحاجتها لاستثمار كبير في البداية وتأخر إنتاجها لعدة سنوات إضافة لعدم خبرته في مجال زراعتها.
أهم مصادر الرحيق في الربيع الباكر في المناطق القريبة من المدن هي القرعيات Cucurbitacea خاصة الكوسا والخيار.
كما تعتبر أشجارEucalyptus spp. الأوكاليبتوس (المسماة خطأً بالكينا في سورية والكافور في مصر) مهمة للنحالين في المحافظة على الرغم من محدودية انتشارها.
يتميز إزهار الأوكاليبتوس بموعدين في السنة الأول رئيسي في أيار/مايو والثاني ثانوي في تشرين أول/أكتوبر وتشرين ثاني/نوفمبر، وهذا الموعد الثاني لا يحدث إلا إذا سقطت أمطار مبكرة.
هناك مراعي غير مستثمرة إلا من قلة من النحالين وهي المراعي الطبيعية في البادية الشامية والوديان والأراضي البور(القراج) الغير مزروعة لوعورتها تزدهر في الربيع في السنين الجيدة الأمطار مثل القيصوم Artemisia arboretum والزعتر
thymus spp.. ومن الجدير بالذكر أنه يوجد في المحافظة نوعان من الزعتر: زعتر الوادي T. capitatus وينمو في مسيلات المياه والوديان ويزهر في أيار/مايو في سنابل تحمل أزهاراً بيضاء, وزعتر التل
T. serpyllum وينمو في المرتفعات ويزهر في أيلول/سبتمبر وتشرين أول/أكتوبر في سنابل تحمل أزهاراً بنفسجية اللون, وهو أشد رائحة من زعتر الوادي.
أهم أزهار المراعي الطبيعية في المناطق المروية أعشاب مثل الطرخشقون Taraxacum ، الأقحوان، الخلة الصغرى Ammi visnaga وغيرها.
كما يزهر النفل Trifolium spp. على جوانب الأقنية وفي المروج الرطبة طيلة شهري نيسان/أبريل وأيار/مايو في الأراضي المروية. فترة الإنتقال من الربيع إلى الصيف
يعتبر شهرا أيار/مايو وحزيران/يونيو – خاصة بين منتصفيهما- فترة جفاف في الرحيق نظراً لانتهاء أزهار الربيع وعدم بلوغ المحاصيل الصيفية مرحلة الإزهار. تسمى هذه الفترة بعصّة المرعى.
لكن تتوفر في محافظة الرقة مساحات كبيرة مغطاة بنباتات الخرينيبة والعاقول Alhagi maurorum والصفـّيرة (أو الدردارة أو المرًير) Centaurea calcitrapa التي تزهر في هذه الفترة. وتتميز الصفيرة
بجودة عسلها إلا أنها لا تنمو إلا في المواسم جيدة الأمطار.
مساحات هذه المراعي الشوكية تتناقص نتيجة لزحف الري في مناطق مشاريع الري مما يضطر النحال للارتحال بعيداً في طلبها.
توجد مساحات واسعة حول القرى والأماكن المعرضة للرعي الجائر مغطاة بنباتات الحرمل Peganum harmala الذي يزهر من أواسط أيار وحتى أواسط حزيران. لكن مناطقه لا تتوفر فيها المياه غالباً مما يستدعي تأمينه من قبل النحال.
كما توجد نباتات الخلة الصغرى Ammi visnaga حول نهر البليخ وفي بعض الأماكن الأخرى تزهر في أيار/مايو وحزيران/يونيو, إلا أن مساحاتها في تناقص بسبب تنظيم مجرى البليخ وزحف الري وقلة الأمطار.
فترة الصيف
يبدأ إزهار القطن Gossipium hirsutum منذ منتصف حزيران/يونيو للزراعات المبكرة، لكن القطن لا يشكل مصدراً جيداً للرحيق إلا منذ بداية تموز.
وللأسف فإن الصنف المخصص لمحافظة الرقة –وهو رقة 5- لا يفرز الرحيق مما سبب خسارة كبيرة لنحالي المحافظة منذ أن بدأت زراعة هذا الصنف.
عملياً، يعتبر القطن نبات الفيض الرئيسي للعسل ليس فقط في المحافظة، وإنما في سورية كلها. وتشير المراجع إلى أن ما تستطيع الخلية القوية أن تجمعه في موسم القطن لوحده إلى عشرات الكيلوغرامات من العسل.
فإذا عرفنا المساحات الواسعة من القطن في المحافظة, عرفنا مقدار الخسارة التي يتكبدها النحالون ما لم يتم استبدال هذا الصنف. وهذه المشكلة بدأ يعاني منها النحالون في بقية المحافظات بعد إدخال أصناف غير رحيقية فيها.
من المؤسف أنه لا يراعى أن يكون الصنف المنتخب رحيقياً ويتم التركيز على الصفات الاقتصادية مع أن زيارة النحل لزهرة القطن تزيد من عدد البذور مما يرفع من الإنتاج, وهذا لمصلحة الفلاح أيضاً.
تزرع مساحات واسعة بعد حصاد القمح بمحاصيل مختلفة أهمها: السمسم، البطيخ الأحمر, دوار الشمس Helianthus annus , الخضار وغيرها. وأكثرها أهمية هو السمسم لتميزه بغزارة الرحيق وطول فترة الإزهار وجودة عسله.
وقد سجلت حالات عديدة قامت الخلايا بالتطريد في أيلول/سبتمبر عندما وضعت على مراعي السمسم. وتمتد فترة إزهاره شهرين هما آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر.
تتواجد في الشمال الغربي للمحافظة مساحات من الأراضي البور والجبلية ينبت فيها نبات الحلاب (الجيجان) Euphorbia spp. الذي يزدهر بعد حصاد الكمون, التي تؤمن مرعى جيداً للنحل ابتداءً من بداية حزيران/يونيو وحتى حلول الشتاء.
من المعروف أن عسل الجيجان ذو قيمة عالية بين الأعسال لنكهته الممتازة, لكن مناطق تواجده موبوءة بالدبور الشرقي الذي ينهك الخلايا وتصعب مكافحته في فترة ارتحال النحال إلى مناطقه. كما أن إفرازه للرحيق غير مضمون بسبب حرارة الجو ونقص الرطوبة في المنطقة.
تزرع مساحات واسعة بمحاصيل غير رحيقية مثل القمح والشوندر السكري والذرة، لكن النحل يلجأ إليها أحياناً للحصول على غبار الطلع فقط. ارتحال النحالين في سورية وراء الرحيق:
بتوالي السنين والخبرة التي اكتسبها النحالون السوريون, تولدت أجندة خاصة لترحال النحالين وراء النباتات الرحيقية في كافة مناطق سورية. هذه الأجندة يمكن اختصارها كما يلي:
التشتية
تكون في مكان إقامة النحال أو قريباً منه,
وإن كان بعض النحالين يفضل التشتية في المناطق الساحلية نظراً لدفئها وتوفر مرعى فيها من النباتات الطبيعية، أو في مناطق تواجد أشجار الأوكاليبتوس لأنها تزهر في الخريف وفي الربيع وفي الشتاء الدافئ إذا سمحت الظروف الجوية. الارتحال الأول
يكون في نيسان/أبريل لمناطق زراعة الحمضيات Citrus spp. في المنطقة الساحلية. الفترة الرئيسية لإزهار أشجار الحمضيات هي بين 1 و 20 نيسان/أبريل. وتعود
أهمية الحمضيات في أنها تزهر مبكراً فتساعد النحل على زيادة الحضنة وتكاثر النحل, بالإضافة لإلى أن عسل الحمضيات من الأعسال الجيدة إلا أن أسعاره في السوق السورية منخفضة. الارتحال الثاني
يكون من 20 نيسان/أبريل وحتى العاشر من أيار/مايو إلى مناطق زراعة الحبة السوداء (حبة البركة) Nigella sativa في محافظة إدلب. تعطي حبة البركة رحيقاً غزيراً ينتج عنه عسل مميز يباع بأسعار عالية وهو قاتم اللون له طعم مميز ومرغوب لفوائده الطبية العديدة. الارتحال الثالث
منذ العاشر من أيار/مايو وحتى نهايته إلى مناطق زراعة اليانسون Pimpinella anisum الذي يعطي رحيقاً غزيراً يجني منه النحال كمية كبيرة من العسل. يقول النحال السوري أنه إذا لم ينجح مرعى اليانسون فلن ينجح موسم العسل.
عسل اليانسون قاتم اللون لذيذ الطعم لا يتبلور بسهولة ومرغوب لفوائده الصحية. الارتحال الرابع
يقع في فترة ما يسمى "عصـّة المرعى" لانتهاء أزهار الربيع ومازال الوقت مبكراً على أزهار الصيف. الارتحال الخامس
يكون إلى مناطق زراعة القطن Gossipium hirsutum. كان معظم النحالين يتوجهون لذلك إلى مناطق الغاب ومسكنة ودير حافر,
لكنهم الآن يتوجهون إلى محافظتي حلب والرقة لكون أكثر الصنف المزروع رحيقي ويعطي محصولاً جيداً من العسل، بينما الأصناف الأخرى غير رحيقية. ارتحال خاص
هناك ارتحال خاص وراء نوع معين من العسل مثل أشجار الأوكاليبتوس Eucalyptus spp. (المسماة خطأً كينا أو كافور) في مناطق التحريج في شهر أيار/مايو, أو مراعي الجيجان Euphorbia spp.
في شمال سورية ابتداءً من حزيران/يونيو. كما يتوفر في المناطق الجبلية مرعى ربيعي وآخر خريفي هو في معظمه من أشجار الغابات (عسل ندوة عسلية) والنباتات الشوكية وغيرها. بينما كان إنتاج المنحل الثابت (90 خلية): 0.467 كغ/خلية عسل ربيعي (كينا)+ 5.970 كغ/خلية عسل صيفي (قطن): المجموع= 6.437 كغ/خلية. الفرق=9.19 كغ/خلية لصالح الترحيل.
|