هكذا اعتمد نحالو عسير رحلة الشتاء والصيف لإنتاج العسل
عن الصحافة السعودية إعداد الدكتور طارق مردود
مقدمة
تتميز منطقه عسير بإنتاج العسل الطبيعي على مدار العام، نظراً للتنوع المناخي للمنطقة. ولتحقيق جودة إنتاج عالية ووفرة في المحصول، يحرص مربو النحل على نقل الخلايا تبعاً للظروف المناخية وهطول الأمطار، ففي فصل الصيف تشهد سلسلة جبال السراة توافد النحالين بآلاف الخلايا، حيث الأجواء المعتدلة وتوفر الأشجار والشجيرات المزهرة التي تعـد المصدر الأول للعسل العسيري الشهير.
وتأتي هذه الهجرة من سهول تهامة إلى السراة بعد انتهاء موسم أشجار "السمر" و "السلم"، التي تنتج العسل الصيفي في المناطق التهامية.
وفي تقرير بثته وكالة الأنباء السعودية "واس"، يشير النحال محمد عبده الشهري، وهو أحد النحالين المشهورين في محافظة "المجاردة" بمنطقة عسير، إلى أن هجرة النحالين للمواقع المرتفعة وجبال السراة تهدف إلى الحفاظ على خلايا النحل من تأثير حرارة فصل الصيف الشديدة في سهول تهامة، إضافةً إلى إنتاج أنواع جيدة من العسل من بعض الأشجار التي تشتهر بها المواقع الجبلية، مثل أشجار" الطلح "و "الضرم" و"الطباق" و"الشرم" و"السحاء". وأبان الشهري أن بداية فصل الصيف في تهامة عسير تشهد إنتاج عسل" السمر" و"السلم" في المناطق التهامية، وبعد الانتهاء من موسم السمر والسلم الصيفي يتم نقل خلايا النحل إلى المناطق الجبلية، مضيفاً أنه في فصل الشتاء فسهول تهامة عسير، هي المكان المفضل للنحالين، حيث اعتدال الطقس وزيادة معدل هطول الأمطار التي تسهم في إزهار أشجار "السدر" و "الضهيان" و"السيال" وهي من الأشجار المفضلة لإنتاج أجود أنواع العسل. وعن أبرز الأشجار والشجيرات التي يستفيد منها النحل ويتغذى على رحيقها ويبني الشمع منها، يقول الشهري: "النحل يزدهر ويتكاثر في المواقع التي توجد فيها أشجار وشجيرات الأثل والأراك والعرفج والعليق والمض والصاب والقطبه وبعض الأشجار الزهرية، إضافة إلى أشجار السدر والسمر والسلم والضهيان والسيال". وبحسب إحصاءات تقديرية لفرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة عسير يبلغ عدد النحالين حوالي 5656 نحالاً، فيما يبلغ عدد خلايا النحل تقريبا 1.809.920 خلية. وعلى الرغم من تمسك الكثير من النحالين بالطرق التقليدية في إنتاج العسل، إلا أنهم بدؤوا في استخدام طرق حديثة لزيادة الإنتاج، مبيناً أن الطرق الحديثة لتربية النحل أكثر إنتاجاً وبالإمكان فحص طوائف النحل وإطاراتها جيداً ومراقبة نشاطها وبالأخص الملكة ويمكن التعرف من خلالها على صحة الطائفة وسلامتها من الأمراض والطفيليات وسهولة استخلاص العسل من القرص الشمعي ومن مميزات الخلايا الحديثة ترحيل النحل بسهولة من مكان إلى آخر لمسافات بعيدة دون الإضرار بطوائف النحل التي بداخلها ويمكن للنحال أن يجني منها العسل بكميات أكبر بكثير من الخلايا التقليدية البلدية كما يمكن المحافظة على طوائف النحل التي تربى فيها من البرد الشديد أو الحرارة الشديدة بصورة أفضل من الخلايا التقليدية، وهناك الكثير من المميزات التي تتميز بها الخلايا الحديثة عن غيرها. ويؤكد النحالون في منطقة عسير من أصحاب الخبرة أهمية منع استيراد من خارج المملكة، بسبب نقله للأمراض وشراسة بعض أنواعه حيث يهاجم خلايا النحل البلدي، كذلك ابتعاد النحالين عن بعضهم البعض لأن تنافس النحل على موقع محدد يؤدي إلى ضعف الإنتاج، والابتعاد عن المواقع التي ترش فيها المبيدات الحشرية. وتقدم وزارة البيئة والمياه والزراعة خدمات مختلفة للنحالين لدعم إنتاج العسل المحلي الذي اشتهر بجودته العالية، ويشير مدير عام فرع الوزارة بمنطقه عسير المهندس فيصل آل زياد إلى أن العسل من أهم المنتجات الزراعية التي تحرص الوزارة على تطويرها ودعم النحالين من خلال مبادرات مادية ولوجستية وتسهيلات تبدأ بمنح النحالين تراخيص بعد الكشف على المناحل من واقع الطبيعة، حيث تمكنهم تلك التراخيص من الحصول على قرض زراعي من قبل صندوق التنمية الزراعية وتسهل تنقلاتهم في مختلف المواقع التي تناسب تربية النحل، كذلك الترخيص لهم باستقدام عمالة بمسمى "مربي نحل" وبالعدد المناسب الذي يتوافق مع عدد الخلايا، كذلك تقديم الخدمات الإرشادية وتسخير مختبر النحل المركزي بالرياض لخدمتهم. وأشار آل زياد، إلى أن الوزارة كذلك تشجع قيام الجمعيات التعاونية لمربي النحل، حيث بلغت حتى الآن على مستوى المملكة 10 جمعيات منها جمعيتان في منطقة عسير. وأضاف: "تم تقديم للنحالين في منطقة عسير عدد من الخدمات اللوجستية والخدمات الإرشادية من خلال المناحل الإرشادية الموجودة في المنطقة، كذلك المشاركة في مهرجانات العسل الشتوية والصيفية المنفذة في عدد من مدن ومحافظات المنطقة ومنها (أبها، رجال المع، المجاردة، النماص، محايل)، ويتم عقد ورش عمل ومحاضرات إرشادية في مجال تربية النحل بالتزامن مع تلك المهرجانات، كما يتم تقديم خدمات إرشادية للنحالين من خلال زياراتهم المكتبية للمرشدين في مكاتبهم". وتسعى وزارة البيئة للحفاظ على سلالات النحل البلدي، باعتماد عدة إجراءات منها ـ حسب ما ذكره آل زياد ـ تحديد مواقع للنحل البلدي يُمنع وضع النحل المستورد فيها، ومواقع أخرى للنحل المستورد، وعند مخالفة النحالين لذلك فإنه يتم ضبط مخالفة بحقهم والرفع بها للوزارة وفقاً لنظام تربية النحل. وتحتل تربية النحل وتطوير إنتاج العسل موقعا مميزا في مبادرات رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020، من خلال نشر الطرق الحديثة في تربية النحل ورفع مستوى الكفاءة الإنتاجية وتحسين الجودة بما يؤدي إلى تحقيق عوائد اقتصادية أعلى وزيادة فرص العمل للمواطنين، حيث تعمل الوزارة من خلال مشروع مبادرة تطوير تربية النحل وإنتاج العسل على برنامج تحسين وتطوير سلالة النحل المحلية والمحافظة عليها، وبرنامج تنظيم وتنمية المراعي النحلية وحمايتها، وبرنامج رفع وتنمية قدرات النحالين، وبرنامج تطوير الخدمات الإرشادية في مجال النحل والبحث العلمي، وبرنامج لحماية النحل من الأضرار.
المصدر: العربية.نت - 09 سبتمبر 2018 إعداد الدكتور طارق مردود
|