الصفحة الرئيسية           المـقـالات            أخبار النحالة            بحوث حديثة           الــصـــور            المـجـلــة   

تطبيقات الفيديو تحوّل النحالين في الصين إلى أثرياء

مزارع صيني يحقق مبيعات كبيرة بفضل تطبيقات التجارة الإلكترونية.

مزارع صيني يحقق مبيعات كبيرةبقيمة 142 ألف دولار بفضل تطبيقات التجارة الإلكترونية.
كان ما غونغزو في الماضي مربّي نحل متواضعا، لكنه بات الآن يملك سيارة فخمة بعدما راح يبيع العسل عبر تكتيك يستخدمه عدد متزايد من المزارعين الصينيين يقوم على بث مقاطع مصورة تظهر أصل منتجاتهم وحياتهم في الريف.

وتشكل هذه المقاطع المصوّرة ضمانة للمستهلكين لتعقب طريقة إنتاج السلع، إذ باتوا يتنبّهون جدا لمحتوى ما يتناولونه. ويشكل ذلك أيضا وسيلة للمزارعين للخروج من الفقر.

ويسأل ما غونغزو “هل تريد جزءَا؟” أمام هاتف ذكي يحمله صديق له قبل أن يقضم قرص عسل ذهبي اللون يثير الشهية. وسيبث هذا المشهد إلى 737 ألف مشترك عبر خدمة “دويين”.

وأصبح هذا الشاب الأعزب المقيم في مقاطعة جيجيانغ في شرق البلاد مشهورا بفضل شبكة التواصل الاجتماعي هذه التي تضم 400 مليون مستخدم، وهي النسخة الصينية لتطبيق “تيك توك” الذي يسمح بنشر مقاطع مصوّرة والتصوير مباشرة.

وهو يحمل شهادة من جامعة هانغجو عاصمة المقاطعة، وبدأ يعمل في بيع الملابس في المدينة عبر الإنترنت من دون أن يحقق نجاحا، فقرر العودة إلى بلدته هينغجانغ المحاطة بجبال خضراء.

تذوق شيئا من العسل، العسل الجبلي مطلوب بكثرة لدى الزبائن

ويروي الرجل البالغ 31 عاما وقد ارتدى سترة جلدية وانتعل حذاء رياضة من ماركة أميركية معروفة “عند عودتي، اعتبر الناس أنني فاشل، فهنا يتردد على مسامعنا أن الدراسة والعمل في المدينة وحدهما يضمنان للفرد الخروج من الفقر”.

ورغم التشكيك هذا، تولى ما غونغزو العام 2015 الإشراف على إنتاج العسل العائلي، وبفضل تطبيقات التجارة الإلكترونية، نجح في تحقيق مبيعات بقيمة مليون يوان (142 ألف دولار). لكن المبيعات عانت بعدها من الركود.

في نوفمبر 2018 وبمساعدة أصدقاء له في البلدة، بدأ يبث مقاطع مصورة حول حياته في المزرعة، فيظهر يوما وهو يفتح قفير نحل، وفي يوم آخر وهو يسبح عاري الصدر في نهر، أو يلهو مع ديك أو يتنزه مع الأبقار على تلة أو يقطع الخشب.

ويؤكد “لا أروّج أبدا لمنتجاتي. أبيّن حياتي اليومية والمناظر الريفية الطبيعية. هذا ما يهم الناس!”.

ويتابع “بطبيعة الحال، المشتركون الذين يشاهدون المقاطع المصورة يدركون أنني أبيع العسل وهم يبادرون إلى الاتصال بي إن أرادو شراء منتوجاتي”.

وكما هي الحال في غالبية الأحيان في الصين، يتم الدفع عبر الهاتف الذكي من خلال تطبيقات “وي تشات” أو “علي بلاي” وباتت الأموال النقدية قليلة التداول.

ويؤكد ما غونغزو أنه بات يبيع سنويا بقيمة مليونين إلى ثلاثة ملايين يوان (285 إلى 428 ألف دولار) من العسل فضلا عن البطاطا الحلوة المجففة والسكر الأسمر.

ويروي “عندما كنت صغيرا، كانت عائلتي فقيرة. في المدرسة كنت معجبا كثيرا بالأطفال الذين كانوا يحملون المال في جيوبهم، لكنني لم أكن أملك منه شيئا”.

وبات الآن يقود سيارة “بي.أم.دبليو“ رباعية الدفع يبلغ سعرها حوالي 760 ألف يوان (108 آلاف دولار) وقد استثمر أيضا في نزل صغير. ويشدد على أن استخدام “دويين” شكّل نقطة تحول قائلا، “يمكنني الآن أن أشتري لعائلتي ما تحتاج إليه، وأساعد أبناء البلدة الآخرين على بيع منتجاتهم، ويستفيد الاقتصاد المحلي برمته”.

وتراجع عدد الأشخاص الذين يعيشون دون خط الفقر في الأرياف بشكل كبير في الصين وانتقل من 770 مليونا في 1978 إلى 16.6 مليون نسمة العام 2018 وفق الأرقام الرسمية.

طريق إلى الثروة

واضطلع ازدهار الإنترنت السريع عبر الهواتف الذكية (847 مليون مستخدم) بدور حاسم في ذلك من خلال السماح للمزارعين بالوصول إلى مواقع البيع الإلكترونية والتطبيقات النقالة.

ويقول ما جيانشون (64 عاما) والد ما غونغزو، “إنه التقدم، نحن المسنّون تجاوزنا الزمن، ومع المال الذي كسبناه عبر وسائل التواصل الاجتماعي تمكنا من ترميم المنزل وتحديثه”.وتعتبر الصين أكبر سوق لبث المقاطع المصورة مباشرة في العالم. وكانت شركة “ديلويت” توقعت العام 2017 أن تصل إيرادات هذا القطاع إلى أربعة مليارات دولار في السنة التالية أي بتقدم نسبته 32 في المائة في السنة.

وقد استغلت “بايت دانس” الشركة الأم المالكة لـ”دويين” الفرصة ونظمت تدريبات لنحو 26 ألف مزارع لاسيما الشباب منهم لكي يتقنوا إخراج هذه الأشرطة.

وثمة منصات أخرى في هذا المجال مثل “كوياشو” و”يزيبو” فضلا عن تطبيق “تاوباو” الشهير للتجارة الإلكترونية العائد إلى شركة “علي بابا”. وقد أطلق هذا التطبيق الأخير العام 2019 مشروعا يهدف إلى مساعدة ألف مزارع تقريبا على تحقيق 10 آلاف يوان شهريا من خلال أشرطة الفيديو.

وهذه طريقة أيضا للَجم النزوح عن الأرياف إذ أن الكثير من الصينيين ينتقلون إلى المدن بحثا عن وظائف برواتب أعلى.

ويؤكد ما غونغزو، “نريد أن نشكل قدوة وأن نظهر للشباب أن بإمكانهم أن يؤسسوا شركاتهم وكسب المال في الأرياف”. ويضيف “نأمل في أن يأتي مزيد من الناس لكي تنتعش الحياة والاقتصاد في البلدات”.

ومع الشهرة، تلقى الشاب الوسيم عروض زواج عدة من قبل مستخدمات للإنترنت، لم يجذبهن طعم العسل فقط.

هينغجانغ (الصين) - الأربعاء 2020/01/08
موقع "العرب" على النت

تاريخ النشر بالموقع         20-1-2020

مسموح النقل من الموقع شريطة ذكر الموقع والمؤلف * www.na7la.com * منذ عام 2007