حـرب على عسـل فلسـطيـن..! مـوقـع مـعــا نـت
كشف نحالون النقاب عن ما يصفونها بـ(مافيا عسل اسرائيلي) تحظى بدعم خفي من الحكومة الاسرائيلية هدفها القضاء على صناعة العسل الفلسطينية باغراق السوق بعسل اسرائيلي «مضروب، ومنزوعة منه المواد الطبية».
وقال هؤلاء ان الحكومة الاسرائيلية توفر «العسل المضروب» للنحالين الاسرائيلين لاطعام النحل، غير انهم اي (الاسرائيليون) يبيعون كميات كبيرة منه في السوق الفلسطينية وباسعار قال النحالون الفلسطينيون انها رخيصة جدا، ولا يستطيعون المنافسة والاستمرار في ظلها، فلا يتجاوز سعر الكيلو غرام الواحد من العسل الاسرائيلي 30 شيقلا، في حين يبدأ سعر العسل الطبيعي بـ90 شيقلا. من جانب آخر، ترفض اسرائيل بيع الادوية والمواد المستخدمة في معالجة امراض النحل واخطرها مرض الفارو للنحالين الفلسطينيين، الذين يضطرون للاستعانة بالسوق السوداء للحصول على هذه العلاجات وبخاصة «الشرائح» باسعار خيالية ومرتفعة جدا, وتدعي اسرائيل ان مادة البوتاس التي تستخدم في علاج مرض الفارو تدخل في صناعة المتفجرات. وفي سياق متصل، فان اسرائيل تحذر على مربي النحل نقل صناديق النحل من مكان الى آخر وبخاصة في مناطق اريحا والاغوار، وتمنعهم من وضعها بمحاذاة جدار الفصل العنصري او المستوطنات، وفي كثير من المناسبات يصادر المستوطنون صناديق النحل او يضرمون بها النار بمجرد معرفتهم انها تعود لنحالين عرب. وما يزيد الطين بلة ان اسرائيل تزود النحالين الفلسطينيين بسلالات من نحل ضعيف لا تستطيع التكيف مع الظروف الجوية في منطقتنا، وهي سلالة تسمى النحل الهادئ (لا يلسع) وهذا النوع غير قادر على مقاومة الامراض. كما تواجه تربية النحل تحديات ومشاكل أخرى ومنها عدم وجود مراع كافية ومناسبة للنحل ما يضعف كميات الانتاج ويؤثر على نوعية العسل المنتج، بالاضافة لمشاكل بيئية منها انتشار مكبات النفايات في مناطق عشوائية وقريبة من مراعي النحل وقيام المزارعين برش اراضيهم بمبيدات الاعشاب ما يؤدي الى نفوق اعداد كبيرة من النحل، وكذلك فان اقامة مصانع للعصائر والمشروبات الغازية في المناطق الريفية يشكل خطرا حقيقيا على حياة النحل.
القانون والرقابة واليد الخفية
وعلى الرغم من أن الحكومة تمنع استيراد العسل، الا ان الرقابة الحقيقية على دخول العسل مجهول المنشأ الى اسواقنا شبه غائبة، وذلك لتحايل بعض تجار المواد الغذائية باستيرادهم العسل ضمن قوائم المواد الغذائية الاستهلاكية، وهذا يصعب على الحكومة منع الادخال، وفقا لما افاد به مسؤول بوزارة الزراعة.الى ذلك، تسعى الجمعيات التعاونية لمربي النحل لتأسيس مجلس اعلى او اتحاد تعاوني لمربي النحل في فلسطين بهدف تنظيم عمل مهنة النحالة، وتوفير المساندة والدعم لمربي النحل في ظل التحديات القائمة. وتتحفظ بعض جمعيات مربي النحل على قانون تربية النحل في فلسطين رقم 13 لعام 2008 وتطالب الحكومة والمجلس التشريعي باعادة النظر في بعض مواده لتعميم الفائدة على مربي النحل, في حين يطالب مربو النحل الحكومة بتأسيس متاجر خاصة لبيع العسل مباشرة للمحال التجارية والمواطنين، ليضمن المستهلك جودته وخلوه من الغش، من جانب، ويضمن المزارعون تسويق انتاجهم، من جانب آخر. ووفقا للاحصاءات الرسمية توجد 65,000 خلية نحل في الضفة و50,000 خلية في قطاع غزة، لكن هذا الرقم غير مستقر نتيجة لنفوق اعداد كبيرة من النحل خلال العامين الماضيين. ويبلغ انتاج فلسطين من العسل 500 طن، فيما يبلغ عدد مربي النحل 1400 مرب يصنفون الى ثلاثة مستويات، فمنهم المنتج والمربي الكبير، والمنتج المتوسط، والهاوي لتربية النحل.
الحكومة توفر التدريب ولا تتدخل في السعر
يقول محمد عبد الرازق سعيد، مسؤول دائرة تربية النحل بوزارة الزراعة، وامين عام اتحاد نحالي فلسطين، لـ(حياة وسوق): «وضعت الوزارة آلية لتنظيم بيع وتسويق العسل الطبيعي الفلسطيني، بالتعاون مع عدة اطراف، منها وزارة الاقتصاد الوطني والضابطة الجمركية، وذلك باجبار المنتجين على وضع ليبل (بطاقة بيان) خاصة بكل منتج، تظهر فيها كافة التفاصيل عن مربي النحل، لضمان عدم الغش والتزوير».
وأكد: «التعليمات واضحة بمنع استيراد العسل من خارج فلسطين، ومن اسرائيل ايضا، الا ان التجار يستوردونه ضمن قوائم المواد الغذائية، وبالتالي تصعب ملاحقتهم او ضبط عملية توزيع العسل غير الفلسطيني في الاسواق المحلية».واضاف: «يحدد عدد من العوامل كميات الانتاج، منها جودة الموسم الزراعي، وقوة الخلايا، ونوعية النحل، لكن يمكن القول ان انتاج خلية النحل يتراوح بين 8-15 كيلو من العسل الصافي»، مشيرا إلى ان الانتاج المتوقع لهذا العام يبشر بالخير. وأكد سعيد ان الوزارة لا تتدخل في تحديد اسعار العسل، وانها تتفاوت من محافظة لاخرى، مشيرا إلى ان السعر الأدنى لكيلو العسل الطبيعي يبلغ 100 شيقل، في حين يباع العسل المجهول الهوية او المغشوش بـ 40 شيقلا او اكثر. ونوه الى ظاهرة تتعلق باستهلاك العسل وهي «ان الناس لا تشتري العسل الرخيص الثمن وان كان طبيعيا، والعكس صحيح، فقد يباع العسل المغشوش احيانا بنفس سعر العسل الطبيعي».يل ايضا مان عدم الغش والتزوير منها وزارة الاقتصاد الوطني. من جانب آخر، يقول سعيد: «مربو النحل يقسمون الى ثلاثة اقسام، فمنهم مربو النحل الكبار وعددهم 300 مرب ونحال، والهواة وعددهم 700 مرب، وفئة الوسط وعددهم 400 مرب ونحال», مشيرا الى ان هؤلاء يتركزون في مناطق طولكرم وقلقيلية وجنين واريحا ثم المناطق الاقل انتاجا وهي مناطق القدس وبيت لحم ونابلس والخليل ورام الله. وحسب سعيد، تركز دائرة تربية النحل بوزارة الزراعة على «توفير الارشاد والتدريب لمربي النحل، فالمزارع الذي يجهل تفاصيل تربية النحل لا يمكنه النجاح في مشروعه، وقد يخسر خلاياه جميعا». ويضيف: «لدينا مشروع لتوزيع 300 خلية نحل على المزارعين في الضفة، وهذا المشروع تدعمه احدى المنظمات العربية ومدته عامان».
ابو العسل: معاناة متعددة الأوجه
اما سامي خليل ابو العسل، رئيس جمعية اريحا والاغوار التعاونية لمربي النحل، فقال: «ان دور الجمعية بالاساس فني وارشادي، بالاضافة لتقديم المساعدات في حال توفرها»، مشيرا الى ان قلة مراعي النحل ومنع النحالين من نقل صناديق النحل من مكان الى آخر داخل مناطق اريحا والاغوار هي ابرز التحديات والمشاكل التي تواجه مربي النحل في اريحا والاغوار، مذكرا بان الجمعية تعرضت لمشاكل عندما حاول الاحتلال فرض دفع الضريبة على مربي النحل، وبالتالي اغلقت ابوابها لفترة، واعيد نشاطها من جديد في عام 2008، ويبلغ عدد اعضائها الان 67 عضوا، مشيرا الى ان الجمعية كانت تصدر العسل الى الاردن وعدد من الدول العربية وذلك خلال السبعينيات من القرن الماضي، لكن توقفت بعد قرار اسرائيل فرض الضريبة على مربي النحل. وتعاني الجمعية من صعوبات في التسويق في ظل اغراق اسواقنا المحلية بالعسل الاسرائيلي والعسل المغشوش والعسل التركي والسعودي واليمني والعماني، حسب أبو العسل، وعليه اصبح من المستحيل على مربي النحل الاعتماد الكلي على تربية النحل كمصدر دخل ثابت، فهم يمارسون اعمالا اضافية من اجل توفير لقمة الخبز لعائلاتهم.وأشار الى ان ما يميز عسل اريحا عن غيره هو انه عسل شجرة السدر الذي تتوفر فيه نكهة مميزة ومرغوبة، وقال ان شجرة السدر تزهر في شهر نيسان، لذلك يتم قطع العسل بعد فصل الربيع، مضيفا ان عدد الخلايا التي يمتلكها مربو النحل في أريحا يتراوح بين 3500-4000 خلية لكن يصعب تحديد كميات الانتاج. من جانبها، قالت منى جابر امينة الصندوق في الجمعية: «ان الجمعية حصلت في عام 2009 على منحة مالية بقيمة 40,000 دولار اميركي من الرئاسة لاقامة مشغل لانتاج الصناديق الخشبية المستخدمة في المناحل وبيعها للنحالين باسعار زهيدة، بالاضافة الى تزويدهم بمستلزمات خلية النحل من شمع وبلاستيك وعلاجات»، مشيرة الى ان مربي النحل يواجهون مشاكل اخرى نتيجة لتقلبات الطقس والصقيع والبرد وهذا يؤثر على النحل وانتاجه بالاضافة الى اعتداءات جنود الاحتلال المتواجدين على الحواجز على مربي النحل ومنعهم من دخول بعض المناطق بحجج كثيرة منها انها مناطق عسكرية مغلقة او قريبة من المستوطنات.
شعبان: علاقة تاريخية مع النحل
وقال النحال محمود علي ذيب شعبان من سكان بيتونيا: «علاقة عائلتنا مع تربية النحل علاقة تاريخية تعود لقبل النكبة فجدي كان يربي النحل قبل حرب عام 48 في قرية البرية لواء اللد ولما هاجر الى قرى غرب رام الله احضر معه صندوقا لتربية النحل، لا تزال العائلة تحتفظ به حتى الآن»، مضيفا انه تعلم تربية النحل من والده مرغما، وليس كهواية، واصبحت تربية النحل والاعتناء به وظيفة اساسية له، علما انه يعمل احيانا في تمديدات الكهرباء، لكنه يعتمد اعتمادا شبه كلي على تربية النحل وبيع منتجات العسل من غذاء الملكات والشمع وحبوب اللقاح، بالاضافة الى العسل. وأشار شعبان الى انه يمتلك هو واخوته من 300-400 خلية نحل، «ولا
ينتج الصندوق الآن اكثر من 5 كيلوغرامات من العسل الصافي نتيجة
لاسباب كثيرة، فبينما كنا في الماضي نرسل النحل الى بيارات اللد والرملة ومناطق الاغوار بالاضافة الى المناطق الجبلية، لا توجد الآن مراع كافية وخصبة للنحل، فقد اصبحت المراعي محاصرة». وأشار الى انه يقوم بعملية القطاف عدة مرات في العام الواحد، فكل منطقة جغرافية لها تاريخ وموعد معين للقطاف، منوها إلى انه يبيع العسل خلال التجول في الاسواق وعلى المؤسسات والمعارف والوزارات.
استهداف ممنهج
وكشف شعبان عن وجود قناعة لدى مربي النحل بأن اسرائيل تستهدف المناحل الفلسطينية بهدف القضاء على تربية النحل في فلسطين، وذلك من خلال الترويج للعسل المغشوش والمنزوعة منه المواد الطبية في الاسواق الفلسطينية، حيث يباع على انه عسل طبيعي باسعار رخيصة جدا بهدف ضرب العسل الفلسطيني. وقال ان هذا العسل الاسرائيلي المستورد من دول اوروبا الشرقية يعطى للنحالين الاسرائيليين باسعار رخيصة جدا على انه طعام للنحل وليس معدا للاستهلاك البشري، وهم يشترونه لانهم يريدون السعر الرخيص، وأضاف: «هذا الامر أثّر علينا كثيرا، ولا توجد أية رقابة حكومية على دخول العسل الغريب الى اسواقنا، فبالاضافة الى العسل الاسرائيلي هناك عسل مستورد من الصين وتركيا وغير ذلك، لدرجة ان بعض انواع العسل تباع بـ 30 شيقلا فقط للكيلوغرام الواحد». وأكد شعبان: «هناك مصانع تنتج العسل غير الطبيعي الذي يروج في اسواقنا، ناهيك عن ان التلوث البيئي يلاحقنا كمربي نحل، وبخاصة عند رش الاعشاب بالمبيدات الكيماوية، ونتيجة لانتشار اكوام النفايات في اماكن كثيرة قريبة من مناطق رعي النحل».وأكد ان مخلفات مصانع العصائر والمشروبات الغازية تساهم في نفوق النحل، بالاضافة للعوامل الجوية من برد وصقيع وحر شديد، و»الاهم من ذلك حرمان مربي النحل الفلسطينيين من الحصول على العلاجات اللازمة لامراض النحل، وبخاصة مرض الفارو الخطير، اذ تحظر اسرائيل ادخال هذه العلاجات الى اسواق الضفة، خاصة الشرائح، فنضطر الى شرائها من السوق السوداء باسعار مرتفعة جدا تلافيا لخسارة النحل». وخلص شعبان إلى القول: «يمكنني تشبيه سوق العسل بسوق الزيت الذي يتعرض بدوره للغش والفوضى», مطالبا الحكومة بتوفير الدعم لمربي النحل، وخاصة توفير الادوية باسعار معقولة، وتنظيم سوق العسل بممارسة رقابة صارمة على العسل المهرب والعسل المغشوش، وكذلك نقل المصانع من الريف الى اماكن اخرى».
النوباني: اين التعويضات الموعودة؟
من جانبه، قال النحال احمد عبد الرحمن النوباني من قرية اللبن الشرقي بمحافظة نابلس انه يمتهن تربية النحل منذ نعومة اظفاره، مشددا على ان من لا يمتلك الخبرة والدراية في التعامل مع النحل وانتاج العسل لا يمكنه الاستمرار في عمله، مشيرا الى ان للنحل اسرارا لا يمكن لاي شخص التعرف عليها دون خبرة ومعرفة بعالم النحل، مشيرا الى ان فصول السنة جميعها تشكل خطرا على النحل، ففي الصيف شدة الحرارة، وفي الشتاء والربيع البرد والصقيع حين يكون النحل بحاجة الى تغذية، بالاضافة الى كثرة الامراض التي تصيب النحل خلال فصل الشتاء، ومنها امراض الفارو والكساح والحصبة الاميركية والحصبة الاوروبية والتكلس، وجميعها امراض يمكنها القضاء على قطيع النحل بالكامل. وهنا يشير النوباني الى ان اسرائيل منعت بيع ملح البوتاس، على سبيل المثال، بحجة انه يدخل في صناعة المتفجرات، علما ان البوتاس يستخدم في معالجة مرض الفارو، ويضيف: «اسعار المواد الخام اللازمة في عملنا مرتفعة جدا، وسبق ان تعرضنا لخسائر مادية جسيمة بعد موجة الصقيع التي اجتاحت البلاد قبل عدة سنوات، ووعدتنا وزارة الزراعة بالتعويض، ومنذ سنوات ننتظر التعويض برغم تخصيص ملايين الدولارات لتعويض المزارعين، ولا يوجد جمعيات او مؤسسات فاعلة تساعدنا وتقدم لنا دعما ماديا».
وقال النوباني انه يعتمد اعتمادا كليا على تربية العسل وبيع مشتقاته ويعيل اسرة مكونة من 16 فردا، وينتج اكثر من طنين ونصف الطن من العسل الطبيعي والصافي الذي يقوم بتسويقه بشكل فردي. وطالب النوباني الحكومة بتوفير متاجر خاصة لتسويق العسل ومنتجاته ودعم مربي النحل وكذلك انشاء مختبرات خاصة لفحص العسل, وان تشتري الحكومة العسل، ليتخصص النحال في الاعتناء بالنحل بدلا من أن يكون بائعا جوالا. وأكد النوباني ان معادلة العرض والطلب هي التي تحدد اسعار العسل، ولا تقف الشهرة دائما الى جانب صاحبها «لان الناس لا تثق باحد نتيجة تزايد حالات غش العسل»، مشيرا الى ان اسعار العسل الطبيعي تتراوح بين 100 - 150 شيقلا بالمفرق، واقل من ذلك بالجملة. ونصح النوباني المستهلكين بالاحتفاظ بالعسل بعيدا عن الرطوبة، منوها الى ان العسل الذي يكون جافا خلال فصل الشتاء اي (مرمل) هو العسل الطبيعي، بخلاف ما يعتقده الكثيرون، منوها الى انه يقطف العسل مرة واحدة فقط في العام. يشار الى ان العسل يستعمل غذاء ومادة تحلية، ودواء لعدة امراض منها العقم وأمراض البشرة. .
 موقع مـعـا نت
|