النحل القزم Apis florea من أصغر أنواع النحل، وقد عرف اصطلاحا بالقزم؛ نظرا لصغر حجمه مقارنة بحجم نحل العسل الغربي Apis mellifera. ويصل متوسط عدد أفراد الطائفة إلى 6000 فرد مقارنة بأعداد نحل العسل الغربي الذي تتراوح بين 15000 و60000 فرد في الطائفة الواحدة تبعا للموسم. والنحل الصغير هادئ الطباع بالمقارنة مع أنواع نحل العسل الأخرى، وتعتبر مناطق جنوب شرق آسيا الموطن الأصلي لهذا النحل، وقد انتشر منها انتشارا طبيعيا نحو الغرب بالإضافة لانتشاره بسببب تعلقة بوسائل النقل البحري والبري التي أسهمت في تنقل هذا النحل بصورة غير مباشرة. ويتواجد النحل الصغير حاليا بشكل كبير في منطقة الخليج العربي وعلى نطاق محدود في اليمن وأواسط السعودية والسودان، مثبتا قدرته على التأقلم مع الظروف المناخية المتباينة ومنافساً النحل الغربي، وقدرته على بناء الأعشاش بشكل غير ملفت للانتباه في المناطق المحيطة بالمنازل.
سجل هذا النحل في مطلع عام 2007 من قبل مديرية بحوث النحل في المركز الوطني للبحث والإرشاد الزراعي الاردني، ومن خلال المسح تبين ان أعداداً كبيرة من طوائف النحل في مساحة لا يتجاوز نصف قطرها 8 كم. ويبني هذا النحل قرصاً واحداً لكل طائفة بشكل حر في الهواء في حدائق وشوارع مدينة العقبة، وأحيانا في الغرف والبنايات المهجورة. وقد تراوحت أحجام الأقراص من 10 سم x 10 سم، إلى 35 سم x 40 سم، ووجد أن 17% من الطوائف قد أنتج ملكات حيث وصل عدد البيوت الملكية في بعض الطوائف إلى 20 بيت، وقد لوحظ تفضيل هذا النحل للارتفاعات العالية على أشجار الكينا، وارتفاعات مختلفة على أشجار الأكاسيا، والسدر وقد يعود ذلك إلى أن أشجار السدر والأكاسيا شائكة؛ مما يمنع العابثين من الوصول إلى الطوائف بينما أشجار الكينا فليس لها أشواك، لذلك فضَّل النحل الارتفاعات العالية عليها بحثا عن الحماية. كما وجدت بعض الخلايا في المنطقة على امتداد الشاطئ بين المباني وقد يعود ذلك إلى كثافة نباتات وأشجار الزينة في مناطق الشاطئ أكثر منه في عمق المدينة والمناطق المرتفعة منها.
يرجح أن النحل الصغير قد وصل إلى العقبة مع وسائط النقل سواء كانت البواخر أو الشاحنات حيث أن المنطقة محاطة بمدى فسيح من الأراضي الصحراوية والبور القاحلة، التي بدورها تحول دون الانتشار في المجال الجغرافي طبيعيا. وتعد منطقة العقبة بؤرة اتصال ونقل مع العديد من المناطق والبلدان الأخرى مما يعلل العثور على العديد من خلايا النحل الصغير في المنطقة ويرجح إمكانية أن ينتشر من العقبة باتجاه دول البحر المتوسط من خلال وسائط النقل.
أجُريت دراسات جينياً وشكلياً مورفومترية لمعرفة مصدر هذا النحل وعدد الطوائف التي دخلت المنطقة. فتبين أن هذا النحل مصدره سلطنة عمُان حيث يتشابه هذا النحل شكلياً مع النحل العُماني، وتبيّن البحوث البيوتنكنولوجية على المادة الوراثية (الجزيئية والتماثل الجيني) لهذا النحل أن عدد الطرود التي دخلت العقبة هي طرد واحد على الأرجح على رأسه ملكة أم واحدة لقحها ثمانية ذكور. ومن المسح الميداني تبين أن سكان العقبة لم يروا أو يلاحظوا وجود هذا النوع من النحل قبل ربيع 2007. وهذا يفسر قدرة هذا النحل على البقاء غير ملاحظ أثناء بناء أقراصه الشمعية، وسرعة انتشاره بعدد البيوت الملكية على القرص الواحد حيث وصل عددها في بعض الأحيان إلى 20 بيت ملكي ، وتشير الدراسات المسحية الأخيرة في عام 2012 وصول طرود هذا النحل إلى شاطئ العقبة الجنوبي والى طابا عبر إيلات.
قد يلعب هذا النحل دوراً هاماً في الحفاظ على التنوع الحيوي النباتي بتلقيحه للأزهار البرية التي قد لا تكون جاذبة للملقحات الأخرى. ويبقى السؤال مفتوحاً حول محاذير دخول هذا النحل إلى منطقتنا، فمن الممكن أن يصبح منافسا لنحل العسل على المراعي لشحها، وقد يكون سبباً في نقل أمراض نحل لم نستطع نحن التعرف عليها حتى تاريخه. ولكونه دخيل على التنوع الحيوي في المنطقة قد يفسر عدم مغادرة مجاميع صغيرة من طائر الوروار المهاجر لخليج العقبة خلال الثلاثة أعوام الأخيرة لكونه من مفترسات هذا النحل، ناهيك عن إزعاجه لرواد الفنادق والمطاعم بزيارته لكؤوس المرطبات وغيرها من المواد واسعة الانتشار في الفنادق. ويبقى الهاجس الأكبر من هذا النحل هو انتقاله عن طريق الخطاء عبر وسائط النقل أو بمساعدة الناس، والأمر المؤرق هو، هل سينتشر هذا النحل في الأردن والوطن العربي مشكلاً خللا في التنوع الحيوي في بيئة هشة أصلا؟
|