تغير المناخ: تضاءل حجم الزهور فقصرت ألسنة النحل
عن الإنترنت
من يصدق أن تغير المناخ أثر على ألسنة أنواع من النحل في العالم، في تكيف نادر يؤكد قدرة بعض الكائنات على التأقلم ومواجهات ظروف جديدة، إذ كشفت دراسة حديثة نشرت مؤخرا في دورية “ساينس” Science العلمية، أنّ تغيّر المناخ الناجم عن الاحتباس الحراري يؤدي إلى إعادة تشكيل جسم النحل. وأشار الباحثون إلى أنّ ألسنة النحل في “جبال روكي” Rocky Mountains أصبحت أقصر بمقدار الربع عما كانت عليه قبل 40 عاما، وتطور الأمر على هذا النحو نتيجة تغير المناخ الذي أدى إلى تغير الزهور البرية التي يتغذى عليها النحل. وأوضحت الدراسة أنه في هذه الأنواع من النحل، كان طول اللسان يصل إلى نصف حجم الجسم، ونظرا إلى أن الزهور تضاءل حجمها لم يعد هناك أي حاجة إلى لسان طويل. نيكول ميللر Nicole Miller من جامعة ولاية نيويورك، أشارت إلى أن “اللسان الطويل يتطلب استهلاك المزيد من الطاقة من النحل، ولذلك اكتفى الأخير بلسان قصير يسمح بتذوق مجموعة متنوعة من الزهور”، وأشارت الباحثة كانديس غالين Candace Galen من جامعة ميسوري الأميركية، وهي مشاركة في الدراسة إلى جانب ميللر، إلى أن “العلماء تتبعوا أثر الاحتباس الحراري في تغير طريقة النمو وأسلوب وتوقيت الهجرة في النباتات والحيوانات”، وما يميز هذه الدراسة هو اتجاهها إلى دراسة التغيرات الجسدية في النحل، وقالت غالين: “يشير حجم التغير في المناخ إلى التأثير على تطور الكائنات الحية، إنه نوع جميل من التطور التكيفي”. وأشادت سيدني كاميرون Sydney Cameron من جامعة إلينوي الأميركية بالدراسة الجديدة، واعتبرتها “مهمة للنظام البيئي للزهور البرية”. لسان أقصر ودرس فريق من علماء الأحياء النحل الموجود في ثلاث قمم معزولة من “جبال روكي”، وبيّنت ميللر أن “طول ألسنة النحل تضاءل بمقدار يتراوح بين 20 إلى 50 بالمئة، ونظرا إلى كون النحل على قمم الجبال منعزلا ويقع على ارتفاع أكثر من 10 آلاف قدم لم تكن المبيدات الحشرية ومسببات الأمراض هي المشكلة، حيث تظهر هذه المبيدات في حالة انخفاض تواجد النحل”، وقارن العلماء النحل على قمم جبال روكي بالذي يبلغ عمره 40 عامًا أو أكثر، واكتشف العلماء أن اللسان أصبح أقصر. واكتشف العلماء أن درجة الحرارة عند أعلى قمم الجبال زادت بمقدار 3.6 درجات منذ فترة الستينيات من القرن المنصرم، كما تغيرت أنواع وكميات الزهور، وأكدوا أن “الزهور تتطور مع النحل كنوع من التكيف في سياق ما يحدث في الطبيعة على مدى فترات زمنية طويلة”. ومن جانبها، رأت ميللر أن “المهم فى الموضوع أن النحل يتطور بسرعة كبيرة، ولكن ربما تكون القصة غير وردية بالنسبة للزهور”. وحذرت غالين إلى أنه “من دون ألسنة طويلة للنحل فربما تتعثر الزهور، فضلا عن أن اللسان القصير يجعل النحل يتسبب في ثقب جانب الزهرة، وهو ما يحرم النباتات من نشر بذورها”. ورصد الخبراء فى الآونة الأخيرة المخلوقات وهي تستخرج الرحيق بسرعة من الأعشاش القريبة للنحل، ووجد العلماء من جامعة “ساسكس” أن نحلة من بين كل ثماني نحلات تلجأ إلى السرقة للحصول على زاد يومها بدلا من البحث البعيد عن الزهرة المناسبة، وتسمح هذه الاستيراتيجية للنحل ببذل الحد الأدنى من الطاقة، إلا أنها تجعل مهمة التلقيح أكثر صعوبة بالنسبة للجيران. استراتيجية مثالية وأسس فريق الباحثين ثلاث مستعمرات من النحل في “ساسكس” الشرقية واستخدم الباحثون ترددات الراديو لتعقب تحركات النحل، وقالت الباحثة الدكتورة إلين روثري: “عندما ألقيت نظرة سريعة على البيانات أدركت أن النحل من المستعمرات المختلفة يدخل المستعمرة المجاورة ويخرج منها خلال دقائق وتيجه إلى مستعمراته الخاصة”، ورأت أنها “استراتيجية مثالية بحيث لا يضطر النحل للبحث عن الزهور بعيدا وبذل المزيد من الطاقة في جمع حبوب اللقاح والرحيق لأنها موجودة بالفعل في المستعمرة المجاورة”. وأضافت: “لا يعني هذا قلة عملية التلقيح، ولكنه يعني أن المستعمرات المجاورة يجب عليها أن تعمل بجد لجمع مواردها، ولا يمكننا حتى الآن القول إن النحل يسرق حبوب اللقاح أو الرحيق، إنها استراتيجية ناجحة بشكل خاص، وتضمن للنحل عدم الاضطرار إلى الخروج والبحث عن حبوب اللقاح، أرغب في وضع كاميرا لمعرفة ماذا يحدث وملاحظة سلوكه، إنه أمر مثير للاهتمام”. تجدر الإشارة إلى أنه انقرض نوعان من النحل خلال الأعوام الأخيرة، بسبب تغيرات الريف البريطاني، ما أدى إلى فقدان مئات من حقول الزهور البرية.
إعداد – سوزان أبو سعيد ضو
بتصرف عن “الواشنطن بوست” + “ساينس” + “الاندبندنت” ووكالات
greenarea-
28-09-2015
|