تربية النحل، نحلة

بخطوات معدودة وبأنفاس مسموعة وعلى صوت طنين النحل التي تتجول بين أزهار القرية، لتلامس بجسدها الرقيق براعم الأزهار المشتاقة لعبير الربيع، تقدم شريف الناقة "38 عاما" من سكان عبسان شرق مدينة خان يونس بهمة عالية وخطى واثقة بما سيفعله، ارتدى جميع الحاضرين ملابس واقية خوفا من لدغة في اجسادهم.

واكتفى شريف بنظرات واثقة ليتقدم الى احدى خلايا النحل دون وقاية تذكر، وكأنه صديق مقرب للنحل يجول في المكان مستمتعا بمداعبة النحل لجسده وكأنها ترسل له رسالة شوق ومحبة بجسدها الناعم.

شريف.. رحلة في عالم النحل ممزوجة بوجع اللدغات ومتعة المغامرات، تجربة كبيرة يرصدها لـ "استراحة الحياة" في تربية النحل من خلال مراحل عديدة.

يقول شريف الذي انهى دراسة الماجستير من جامعة باكستان تخصص تكنولوجيا اتصالات ولاسلكي: تربية النحل تحتاج الى صبر وطول بال لضمان استمرار حياة النحل وانتاج العسل بشكل مستمر، مضيفا ان الانترنت كان معلمه ومرشده في تربية النحل.

ويبين ان الخلية التي يعيش بها النحل تستطيع أن تضم مجتمعا كاملا من النحل مكونا من ملكة واحدة وبضع مئات من الذكور وعشرات الألوف من الشغالات، ولا بد لنحلة أن تزور نحو مليون زهرة كي تجمع ما يقارب المئة غرام من العسل.

وأوضح ان النحلة تقوم بوضع العسل داخل الخلية من خلال فريق يسمى الشغالات عن طريق التهوية باستخدام أجنحتها كي تتطاير الرطوبة، مضيفا ان فريقا آخر من النحل يقوم بغلق عيون الخلية بطبقة رقيقة من الشمع لتبقى نظيفة، خاصة انها تحتاج إليه عندما تخلو الحقول من الأزهار في موسم الشتاء.

ويضيف الناقة ان مملكة النحل بها منظومة ربانية لا توصف، خاصة عند قدوم الملكة حيث تجد جميع فئات النحل تستقبلها من خلال فتح الطريق لها، كأنها ملكة بشرية، على حد وصفه.

ويشير الى ان قدوم ملكة جديدة يحتاج الى مراحل عديدة أهمها وضعها في قفص مخصص مغلق بعجينة من الحلوى قبل وضعها في الخلية، اضافة لوجود ثلاث الى اربع نحلات لحراستها من أي خطر يداهمها من قبل النحل الذي لم يتعود على رائحتها، لأن دخول ملكة جديدة دون حماية يؤدي الى قتلها.

ويوضح انه بعد يومين يبدأ النحل بالتعود على رائحتها، وتخرج الملكة من القفص بعد أكل النحل لعجينة الحلوى، مضيفا ان قدوم ملكة جديدة يؤدي لتغيير سلاسة النحل بشكل كامل من حيث الشكل والهدوء.

ولفت الى وجود أنواع عديدة للنحل في قطاع غزة أهمها النحل البلدي والقوقازي والمصري والايطالي، ناهيك عن الأنواع المهجنة ما بين الايطالي والقوقازي، موضحا ان النحل المصري شرس جدا بعكس النحل الاسترالي الذي يتميز بالهدوء.

ويؤكد ان جودة العسل تعتمد على نوع الزهرة، وفي قطاع غزة بدأت الزهور تندثر فيلجأ النحل لزهور الحمضيات، ما يعمل على اجبار مربي النحل لإضافة محلول السكر لاستغلال نشاط النحل خاصة في فصل الربيع.

يقول الناقة: في فصل الشتاء يظهر ضعف اداء النحل نظرا لبرودة المناخ، ويقل البيض الذي تنتجه الملكة بشكل ملحوظ، بعكس فصل الربيع الذي يظهر قوة الخلية وزيادة انتاج العسل، موضحا ان قوة الخلية تظهر من خلال عدد البراويز التي يصنعها النحل.

ويضيف: عدد البراويز في فصل الربيع يصل في الخلية الى ما يقارب 30 بروازا، بينما يصل في فصل الشتاء لبرواز واحد، لذلك ندعمه في محلول السكر لمساعدة النحل وتقوية الملكة.

وينوه الى ان قطف العسل يكون بمجرد شروق أشعة الشمس، لأن النحل يكون قد خرج من الخلية ليستنشق الزهور ليعود في المساء، لذلك يتم وضع باب النحل باتجاه شمس الصباح.

ويوضح الناقة ان عملية القطف تتم عن طريق ماكينة فرز يدوية تقوم بفصل العسل عن الشمع، مضيفا ان الماكينة تأخذ اربعة براويز، ثم نقوم بتعبئة العسل في برميل كبير، بهدف تصفية العسل ليصبح جاهزا للبيع.

وبين الناقة ان عدم توفير أدوات النحل وسعرها المرتفع يعتبر من أهم الصعوبات التي تواجهنا في تربية النحل، اضافة لعدم اهتمام الجهات المعنية بزراعة أشجار السدر والكينا لمساعدة النحل على الاستفادة بشكل مباشر في انتاج العسل.