هموم تربية النحل في الكويت
صيف 2011 لَسَعَ النحالين ودمّر خلاياهم
علاء عبد الفتاح
لأول مرة، يفتح النحالون صدورهم ويبوحون بهمومهم.. فطوال العقود الأربعة الماضية وهم صابرون على قساوة الطقس والظروف البيئية، ولكن الوضع هذا العام فاق الحد، وطفح الكيل، وبات الكل متضررا من الإبادة التي تعرض لها النحل بسبب درجات حرارة تعدت 53 درجة، وعاصفة ترابية هوجاء تلتها عواصف متتابعة، فضلا عن طائر الوروار (الخضيري) المعروف بآكل النحل الذي طال بقاؤه في أجواء الكويت على غير العادة.
قسوة الطقس التي أضرت بمعظم النحالين الخليجيين لم تترك لهم خيارا سوى الاستيراد من مصر، بكميات باتت مضاعفة، لتعويض الخسائر. وينتظر النحالون الكويتيون الآن وصول نحو 10 آلاف طرد نحل يتم التعاقد عليها هذه الأيام في كل منها 6 ألواح خشبية عليها طبقات من الشمع، والطرد يكون ممتلئا بالنحل (حوالي 20 ألف نحلة) وسعره يتراوح بين 20 و15 دينارا.
القبس التقت عددا من النحالين ورصدت همومهم والمشاكل التي تواجههم في عملهم.
توفيق عبد الله المشاري، مساعد الأمين العام لاتحاد النحالين العرب ورئيس مركز أبحاث النحل بالنادي العلمي عاد للتو من حضور مؤتمر دولي بالمملكة العربية السعودية، نوقشت فيه ملفات النحالين العرب وعقدت على هامشه دورة العلاج بمنتجات خلية النحل اشرف عليها وحاضر فيها د.ستيفين ستاجاشيو رئيس الجمعية الألمانية للعلاج بمنتجات النحل. سألناه عن واقع تربية النحل الآن وحقيقة الشكاوى التي سمعناها من بعض النحالين الهواة والمحترفين، فرد بقوله: شكواهم في محلها، فالنحل مات بسبب الحر بنسبة %100 تقريبا، ولو تبقى عدد محدود فحر هذه الأيام يقضي عليه، كما أن العواصف الترابية كان لها تأثير كبير على إنتاج العسل الذي انخفض حتى وصل إلى %20 من إنتاج العام الماضي في قطفة زهور الربيع، أضف إلى كل هذا أن طائر الخضيري استقر بالكويت من شهر ابريل حتى منتصف يونيو وبالتالي كان النحل يسمع صوته فيخاف من الخروج ومغادرة الخلية، وإذا ما خرج انقض عليه هذا الطائر آكل النحل وأباده.
استيراد .. وماذا ستفعلون؟
يجيب المشاري: لا عزاء للنحالين الكويتيين، فعليهم استيراد كميات مضاعفة من مصر وهذا ما سيفعله الخليجيون أيضا.
ويستطرد المشاري: اتفقنا على جلب نحو 10 آلاف خلية، ولدي مندوب في مصر الآن اتفق بالفعل على 3 آلاف ونتوقع وصولها قريبا.
وعن تكلفة الطرد يقول: يتكلف الطرد حتى وصوله مطار الكويت نحو 60 دولارا (أي نحو 18 دينارا).
وحول تعويض النحالين من خلال مطالبتهم لهيئة الزراعة بذلك يقول المشاري: الحقيقة أن النحالين مسالمون، فلم يطالبوا بتعويض حتى الآن، وإن طالبوا بقسائم النحل التي توقف توزيعها من دون معرفة الأسباب.
وبالرغم من الظروف البيئية القاسية يشجع المشاري على تربية النحل فيقول: قطف موسم السدر في نهاية نوفمبر، ونأمل أن يكون معدل الخلية 5 كيلو غرامات، وهذا اقتصاديا يعني 100 دينار للهاوي والمحترف، فسعر كيلو عسل السدر 20 دينارا كما انك تضمن انه ليس مغشوشا.
خيبة أمل؟
النحال نواف سالم قال لـ القبس إنه أصيب بخيبة أمل في الموسم الماضي، وفقد كل نحله، وسيبدأ من جديد لأنه لا يعرف الاستسلام، وإن كان يطالب هيئة الزراعة بممارسة دور اكبر لرعاية النحالين.
ويضيف: نود أن يعيدوا طرح القسائم، وأن يكون هناك إرشاد يدل النحالين على الطقس المتوقع، ومدى الخسائر التي يمكن أن يتعرض لها النحال قبل وقوع الكارثة.
العلاج بالسم
أما أشرف الجمل فيقول إنه فقد معظم النحل مع انه حاول توفير مرطبات للطقس وبخاخات ماء ويحتفظ الآن ببعض النحل للعلاج به مجانا لمن يشكو من بعض الأمراض، إذ ثبت علميا أن تحفيز سم النحل للمناعة يساهم على الشفاء منها.
ويضيف الجمل: النادي العلمي هو سند لنا الآن، يرشدنا، ويعقد الدورات والاجتماعات من خلال مركز أبحاث النحل، ويحصر الإنتاج في الكويت، ويخبرنا بنتائج جميع الإحصاءات اللازمة لتوعيتنا كنحالين، وإن كنا نأمل المزيد من الأنشطة، وتسليط الإعلام الضوء على هذا النشاط الذي يمكن أن يوفر للكويت الاكتفاء الذاتي من العسل، والكل يعرف فوائده التي لا تحصى.
نباتات رحيقية
أحد أبرز الباحثين في مجال الحشرات، وبالذات النحل هو محمد عبد الجبار معرفي المتخصص في علوم الحشرات بإدارة البحوث الزراعية بالهيئة.. تحدثنا معه حول تربية النحل والمشاكل التي يتعرض لها النحالون فقال:
يمكن لأي إنسان شراء خلية نحل وجني العسل من ورائها، فالأمر ليس معقدا، وتكفيه دورة واحدة ليعرف أصول التربية، لكن بشرط ألا يؤذي جيرانه، وأن تتوفر الحدائق وبها النباتات الرحيقية والزهور في مساحة لا تزيد على نصف كيلومتر.
نشاكسه بالسؤال: لكن حتى لو قرصت نحلة جاره فلن تؤذيه بل تفيد جهازه المناعي؟ فيرد: وماذا لو كان مصابا بالحساسية أو كان طفلا أو جاءته القرصة في عينه مثلا؟!
ماذا تقدمون؟
ماذا تقدم هيئة الزراعة للنحال لتدعمه وتحد من خسائره؟
يجيب معرفي: في الهيئة وحدة النحل التابعة لقسم وقاية النبات ومكانها في أمغرة داخل مركز المختبرات البيطرية والزراعية والسمكية، وهذه الوحدة تقدم للنحال أذون الاستيراد من الدول التي يبغي الشراء منها بعد التأكد من الإجراءات الصحية، كما تقوم الهيئة بإمداد النحالين بشرائط الابستين التي تكافح بعض أمراض النحل، وذلك بلا أي مقابل ويعقد قسم الإرشاد الزراعي دورات إرشادية لتثقيف الهواة وتوعيتهم.
مناحل الكويت
ويذكر معرفي أن في الكويت مناحل في العبدلي والوفرة والصليبية، فيما تتبع هيئة الزراعة 4 مناحل خاصة اثنان منها بالرابية داخل محطة التجارب ومنحل بمشتل العمرية وآخر بمستشفى الصباح، وهناك شركات كبرى متخصصة في تربية النحل وجني العسل.
ويلفت معرفي نظرنا إلى أن النحل كائن حي يحتاج الرعاية وليس آلة في صندوق تضغط على الزر فتخرج لك عسلا، وأن مربي النحل سيحاسب على هذه الأرواح إن قصر معها وماتت.
أشهر أنواع العسل الكويتي
-1 الربيع والكينا في شهري مايو ويونيو.
-2 السدر في آخر نوفمبر.
-3 البرسيم في يوليو وأكتوبر في منطقتي العبدلي والوفرة.
3 جهات و3 مؤسسين
قال المربي المخضرم توفيق المشاري: هناك 3 مؤسسات حكومية رسمية كانت وراء نجاح تربية النحل بالكويت هي: قسم الإرشاد الزراعي في وزارة الأشغال العامة منذ 1970. والهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية منذ 1980. ثم النادي العلمي الكويتي - مركز النحل منذ 1990. وهناك 3 أسماء لا بد من ذكرها كمؤسسين هم: عبدالرحمن محمد العامر (أبو عامر) ومحمد بن يوسف النصف (أبو عمر) من خلال شخصه وشركة بن نصف. وخليل إبراهيم بن شيبة.. مربي نحل ومنتج العسل. كما أن هناك 3 معلمين نذكرهم عرفانا لجهدهم هم: الدكتور محمد عطية عويس أول خبير في البلاد (1990ـ 1998)، والمهندس الزراعي رجب محمود حسن (1991 حتى الآن) الهيئة العامة للزراعة. والدكتور أحمد خطابي، الخبير حاليا في الهيئة العامة للزراعة.
عن جريدة القبس الكويتية
|