عسل عكار يحتاج للرعاية
روبير عبد الله
ممتاز. هكذا صنّف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إنتاج العسل في عكار، ضمن المسافة الممتدة بين بلدتي عندقت ومشمش. ويبلغ مردود العسل في المنطقة الشمالية مليارات الليرات، رغم عدم حماية القطاع والفوضى التي تحكمه
شارف موسم تفريخ النحل على الانتهاء، وبدأ موسم الجني، بانتظار موعد القطاف. تنساب تلك العبارات بيسر في خضم عجلة العمل المتسارع ليتماشى النحالون مع نشاط خلايا النحل في أيام حزيران المشمسة. فـ«كلما كانت الشمس مشرقة، كان العمل أكثر. أما الراحة، فلأيام الشتاء». هكذا يصف إميل زهر، رئيس الجمعية التعاونية لتربية وتنمية النحل في القبيات وجوارها، وتيرة عمل النحالين.
ففي فصل الشتاء، يقتصر عمل النحالين على مراقبة قفران النحل وتزويدها بالدواء عند اللزوم، كذلك يمكن إطعام القفران الضعيفة. وفي هذه المرحلة بالضبط لا تترك التغذية الاصطناعية أثراً ملحوظاً في جودة العسل، لأن دور التغذية في هذه الحال ينحصر في المحافظة على حياة القفير، ولا علاقة له بنوع العسل الذي يُنتَج في أوقات أخرى.
يتوقع محمد الخطيب، رئيس الجمعية المتحدة لتعاونيات مربي النحل في عكار، موسماً مزدهراً لهذا العام يبلغ نحو خمسين طناً، ما يعني مردوداً بقيمة نحو ملياري ليرة، بما أن سعر الكيلو منه هو أربعون ألف ليرة. المبلغ لا بأس به، لكنه في الواقع لا يمثل أكثر من ربع القيمة المفترضة فيما لو توافرت ظروف التربية والإنتاج السليمتين.
فمعدل إنتاج القفير الواحد، بحسب الخطيب، يبلغ عشرة كيلوغرامات من العسل. ويبلغ عدد قفران النحل في عكار، وفق ما قدرته وزارة الزراعة بعد إنجازها عملية الترقيم بالتعاون مع مؤسسة الصفدي أواخر العام الماضي، ستة عشر ألف قفير، رغم أن عملية الترقيم سبقتها خسارة عكار ربع قفرانها في عام واحد، ما يعني أن عكار تخسر كل عدة سنوات ثروة كبيرة لا يعوضها سوى مرور مدة طويلة من الزمن. علماً بأن عكار، وخصوصاً في المناطق الممتدة على مسافة خمسين كيلومتراً بين بلدتي عندقت ومشمش، تنتج أفضل أنواع العسل بشهادة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي خلص إلى تلك النتيجة بعد إجرائه فحصاً لـ37 عينة من عسل عكار من أصل 130 عينة على مستوى لبنان.
وإذا كانت تربية النحل تتطلب عناية شديدة وخبرة ومعرفة، إلا أنها من ناحية أخرى لا تفترض توافر رساميل كبرى. كذلك لا تحتاج إلى تدخل الدولة إلا من باب تنظيم القطاع ومن باب رفع الضرر الناجم عن مخالفة القوانين في مجال استخدام المبيدات المحظورة دولياً. فحتى هذا التاريخ، لا يزال وزير الزراعة حسين الحاج حسن يتحدث عن التعميم رقم 7/1 القاضي بإجراء كشوفات دورية ومفاجئة على المراكز والمحال والأماكن التي تتعاطى أعمالاً زراعية بسبب تأثيرها المباشر على صحة المواطنين وعلى سلامة الغذاء وعلى الطبيعة والبيئة، من دون تفعيله تماماً.
من ناحية أخرى، يشكو النحالون عدم فاعلية الأدوية المضادة لحشرة «الفاروا» الفتاكة، بما فيها المستحضر الذي استوردته وزارة الزراعة ووُزِّع مجاناً على النحالين. فقد جُرِب في عكار ولم يؤد إلى النتيجة المرجوة، بينما لا يزال قيد التجربة في البقاع.
وإلى جانب الكوارث التي يحدثها استخدام أنواع معينة من المبيدات وصعوبة مكافحة حشرة الفاروا، يعاني النحالون أيضاً سرقة قفران النحل. «منذ عشرين عاماً، ونحن نبلغ الأجهزة الأمنية بعمليات السرقة ونزودهم بمعطيات تقود إلى كشف الفاعلين، ومع ذلك لم يُوقَف سارق واحد»، كما يروي جورج معيكي، الذي توقف الآن عن ممارسة المهنة.
تمثّل عكار بيئة مناسبة جداً لتربية النحل، لكن فوضى القطاع تنعكس أيضاً في الاستثمار غير المتوازن للمراعي، فثمة أماكن يفيض فيها قفران النحل عما توفره المراعي من غذاء، مقابل مناطق أخرى تغيب عنها القفران بالمطلق.
الأخبار اللبنانية على الإنترنت
|