تــأبـيــر الـمــحـــاصــيـــل
تعتمد معظم المحاصيل الزراعية على الحشرات فى نقل حبوب اللقاح، والتي تتكون بكميات محدودة وذات لزوجة ونتوءات، مما يسهل التصاقها بجسم الحشرة. كما أن معظم هذه النباتات ذات أزهار ملونة ورائحة جذابة غالبا، وتقوم بإفراز الرحيق من أجل زيادة جذب الحشرات. ويعتبر الرحيق مصدرا لإمداد الحشرات الملقحة بالكربوهيدرات ، فى حين تقوم حبوب اللقاح بإمدادها بالمواد البروتينية وبقية العناصر الغذائية.
وتتحقق عملية التلقيح (التأبير) بنقل حبوب اللقاح من متك الزهرة الى ميسمها أو المياسم الأخرى، وهي عملية أساسية لعقد وتكوين الثمار فى العديد من أنواع الحاصلات الزراعية المختلفة. وهناك بعض أنواع من المحاصيل تتميز بانتاج كميات كبيرة من حبوب اللقاح خفيفة الوزن تطير مع الرياح، ويطلق عليها نباتات التلقيح (التأبير) بالرياح، وهي غالبا ذات أزهار صغيرة لا لون لها ولا رائحة مميزة، ولا تفرز رحيقا مثل أشجار النخيل والبيكان.
وفى الزراعة التقليدية لأنواع المحاصيل المختلفة يكفي عدد الحشرات الموجودة فى الطبيعة غالبا لإجراء عملية التلقيح (التأبير) بصورة مرضية.أما في الزراعة الحديثة فهناك عوامل كثيرة تتدخل مما يستدعي معها زيادة أعداد الحشرات الملقحة عن قصد مثل: - زراعة نوع واحد من المحاصيل: مما يؤدي الى إنتاج أزهار بكميات كبيرة جدا فى فترة قصيرة، لاتكفي الحشرات الموجودة فى الطبيعة لتلقيحها. - استخدام الوسائل الحديثة فى الزراعة والري المكثف: أدى ذلك الى تقلص مناطق تكاثر الحشرات. -الاستخدام غير المنضبط للمبيدات: أدى ذلك لهلاك أعداد كبيرة من الحشرات الملقحة فى كثير من المناطق الزراعية. - استخدام طرق الاكثار الخضري في البساتين: أدى ذلك الى ظهور نباتات متماثلة وراثيا، تنعدم فيها ظاهرة التلاؤم الذاتي، والتي تتطلب أعدادا من الحشرات الملقحة. - الزراعة فى المناطق الصحراوية المستصلحة والخالية من الحشرات الملقحة. - الزراعة المحمية فى الصوب وتحت الأنفاق البلاستيكية والشبكية، مما يمنع دخول الحشرات من الأماكن المجاورة. - استخدام البذور الهجين يحتاج الى نشاط حشري مكثف لنقل حبوب اللقاح من الصنف الذكري الى الصنف العقيم ذكريا. هذا ويعتبر نحل العسل هو الحشرة الرئيسية فى جميع أنحاء العالم لتلقيح المحاصيل الزراعية حيث يمتاز بما يلى: - تطور تقنيات تربية النحل، وامكان تربيته فى المزارع البستانية. - تتكون الخلية الواحدة من 20- 50 ألف نحلة ، وبالتالي سهولة نقل أعداد كبيرة من النحل الى المزارع المطلوب تلقيحها. - نشاط النحل مستمر طول السنة، فى حين أن فترة نشاط معظم الحشرات محدودة. - يكفي تكوين الزهرة لنوع واحد من الغذاء لجذب النحل لجمع الرحيق وحبوب اللقاح. - قدرة نحل العسل على نقل كميات كبيرة من حبوب اللقاح بنجاح لوجود شعر كثيف على جسم الحشرة. - قيام النحل بزيارة الأزهار عدة مرات، يفوق عددها ماتقوم به الحشرات الأخرى، مما يضمن نجاح التلقيح (التأبير). ويمكن استخدام نحل العسل فى تلقيح محاصيل الفاكهة (التفاح - الكمثرى - الخوخ - اللوز - الأفوكادو - الكيوى - والمانجو أحيانا ) والخضر ( البطيخ - الشمام - الكوسة - الخيار - الفراولة - ) والمحاصيل الحقلية ( البصل - القطن - البرسيم - دوارالشمس ) وأزهار الزينة وغيرها. وهناك بعض النقاط الهامة الواجب مراعاتها عند استخدام النحل فى التلقيح (التأبير): - موعد وضع خلايا (صناديق ) النحل فى الحقول والبساتين. - طريقة توزيع الخلايا والمسافات بينها. - الاستعمال الصحيح لمواد المكافحة لمنع ايذاء النحل. - قوة الخلية، حيث يؤدي وجود عدد كبير من صغار النحل بالخلية (الحضنات) الى زيادة الطلب على المواد البروتينية؛ مما يحث النحل على الخروج من الصناديق الخشبية (الخلايا) للبحث عن حبوب اللقاح، وجمعها من الأزهار الموجودة بالحقول والبساتين عدة مرات، مما يساعد على نجاح التلقيح (التأبير). ومن جهة أخرى فقد تتوقف الملكة فى بعض الحالات عن وضع البيض، فتتحول الخلية الى خلية ذكرية، أو قد يتجه النحل للتطريد، وبذلك ينخفض نشاط الخلية لحد التوقف التام تقريبا فتقل كفاءة عملية التلقيح (التأبير) بدرجة كبيرة. ولذلك فعلى المزارع الذي يقوم باستئجار خلايا النحل لتلقيح محاصيله مراعاة قوة الخلايا المستخدمة في التلقيح (التأبير). وهناك عدة توصيات يمكن اتباعها لتحسين مستوى التلقيح (التأبير) باستخدام النحل: - وضع خلايا النحل عند وجود الملقح في حالة إزهار، نظرا لتحرك النحل فى المزرعة بدرجة كبيرة فى الأيام الأولى من وضع الخلايا مما يزيد من احتمالات انتقاله من صنف لآخر. - زيادة عدد الخلايا يؤدي الى زيادة عدد مرات زيارة النحل الى أكبر عدد من الأزهار، وأيضا زيادة احتمالات انتقاله من صنف الى أخر . - زراعة أصناف الملقحات فى سطور الأصناف التي تحتاج الى التلقيح، وتقليل المسافة بين الأسطر، وزيادتها بين النباتات فى الصف. - استخدام ملقحات ذات أزهار غزيرة جذابة الألوان للنحل، على أن لايكون هناك فرق كبير في شكل ولون ورائحة الأزهار بين الملقّح والملقَّح؛ لمنع اقتصار زيارة النحل على الصنف الذي يروق له. - مراعاة عدم وجود أزهار جاذبة للنحل بجوار الحقول والبساتين المطلوب تلقيحها منعا لاتجاه النحل اليها، فمثلا : لايذهب النحل الى أزهار جميع المحاصيل التي تزهر وقت إزهار الموالح (الحمضيات)، حيث انه يفضل أزهار الموالح المليئة بالرحيق. والاختلاف بين توقيت إزهار المحاصيل المختلفة المنزرعة بجوار بعضها أو مع بعضها ولو لأسبوع واحد يفسد هذه المنافسة. - وضع خلايا النحل بعد بداية إزهار المحصول تلافيا لاضطرار النحل للبحث عن أزهار أخرى لو وضعت الخلايا قبل إزهار المحصول الرئيسي، وبذلك يقل نشاط التلقيح (التأبير) مع بداية إزهار المحصول.
المصدر:
مجلة شمس / العدد 29 نشرت فى 30 ديسمبر 2008 بواسطة aradina
|